خلافا لقول ( وكونه معلوما ) للضامن فقط جنسا وقدرا وصفة وعينا الزركشي المذهب ( في الجديد ) لأنه إثبات مال في الذمة لآدمي بعقد فلم يصح مع الجهل كالثمن نعم لو جواز ضمان ما علم قدره وإن جهل صفته كان ضامنا لثلاثة على الأوجه وكذا لو برأه من الدراهم ولا نظر لمن يقول أقل الجمع اثنان لأنه شاذ ومن ثم لو قال جاهل بالقدر ضمنت لك الدراهم التي على فلان لزمه ثلاثة وفارق آجرتك الشهور بأنه عقد معاوضة محضة فإن قال له علي دراهم قلت قد يكون ما على الأصيل دون ثلاثة قلت يؤخذ الضامن بإقراره أنها على الأصيل وأيضا فمن ضمن ثلاثة ضمن دونها بالأولى ( والإبراء ) المؤقت والمعلق بغير الموت وإلا كإذا مت فأنت بريء أو أنت بريء بعد موتي كان وصية [ ص: 254 ] والذي لم يذكر فيه المبرأ منه ولا نوى ( ومن المجهول ) في واحد مما ذكر للدائن لا وكيله أو للمدين لكن فيما فيه معاوضة كأن أبرأتني فأنت طالق لا فيما عدا ذلك على المعتمد ( باطل في الجديد ) لأن البراءة متوقفة على الرضا ولا رضا بعقل مع الجهل نعم لا أثر لجهل تمكن معرفته أخذا من قولهم لو كاتبه بدراهم ثم وضع عنه دينارين مريدا ما يقابلهما من القيمة صح ويكفي في النقد الرائج علم العدد وفي الإبراء من حصته من مورثه علم قدر التركة وإن جهل قدر جهته ويأتي في الخلع ماله تعلق بذلك ولأن الإبراء ومثله الترك والتحليل والإسقاط تمليك للمدين ما في ذمته أي الغالب عليه ذلك دون الإسقاط على المعتمد ومن ثم لو لم يصح بخلاف ما لو علمه وجهل من هو عليه فإنه يصح على ما جزم به بعضهم وإنما لم يشترط قبول المدين ولم يرتد برده نظرا لشائبة الإسقاط فإن قلت لم غلبوا في علمه شائبة التمليك وفي قبوله شائبة الإسقاط قال لأحد مدينيه أبرأت أحدكما قلت لأن القبول أدون ألا ترى إلى اختيار كثيرين من أصحابنا جواز المعاطاة في نحو البيع والهبة ولم يختاروا صحة نحو ولو أبرأ ثم ادعى الجهل لم يقبل ظاهرا بل باطنا ذكره بيع الغائب وهبته الرافعي لكن في الأنوار أنه إن باشر سبب الدين لم يقبل وإلا كدين ورثة قبل وفي الجواهر نحوه فليخص به كلام الرافعي وفيها أيضا عن الزبيلي تصدق الصغيرة المزوجة إجبارا بيمينها في جهلها بمهرها .
قال الغزي وكذا التكبيرة المجبرة إن دل الحال على جهلها وهذا أيضا يؤيد ما في الأنوار قال المتولي ويجوز بذل العوض في مقابلة الإبراء [ ص: 255 ] ا هـ وعليه فيملك الدائن العوض المبذول له بالإبراء ويبرأ المدين وطريق الإبراء من المجهول أن يبرئه مما يعلم أنه لا ينقص عن الدين كألف شك هل دينه يبلغها أو ينقص عنها وإذا لم تبلغ الغيبة المغتاب كفى فيها الندم والاستغفار له .
فإن بلغته لم يصح الإبراء منها إلا بعد تعيينها بالشخص [ ص: 256 ] بل وتعيين حاضرها فيما يظهر إن اختلف به الغرض ولو برئ ( إلا ) الإبراء ( من إبل الدية ) فإنه صحيح مع الجهل بصفتها لأنهم اغتفروا ذلك في إثباتها في ذمة الجاني فكذا هنا وإلا لتعذر الإبراء منها بخلاف غيرها لإمكان معرفته بالبحث عنه ( ويصح ضمانها في الأصح ) كالإبراء للعلم بسنها وعددها ويرجع في صفتها لغالب إبل البلد ( ولو أبرأه من معين معتقدا أنه لا يستحقه فبان أنه يستحقه مثلا وكذا أحلتك كما هو ظاهر ( من درهم إلى عشرة فالأصح صحته ) لانتفاء الغرر بذكر الغاية ( و ) الأصح ( أنه يكون ضامنا لعشرة ) ومبرئا منها وناذرا لها إدخالا للغايتين ( قلت الأصح ) أنه يكون ضامنا ( لتسعة ) ومبرئا منها وناذرا لها ( والله أعلم ) إدخالا للأول فقط لأنه مبدأ الالتزام ولترتب صحة ما بعده عليه بل قيل لثمانية إخراجا لهما لأنه اليقين فإن قلت مما يضعف هذين ويرجح الأول قولهم إذا كانت الغاية من جنس المغيا دخلت قال ضمنت مالك على زيد ) أو أبرأتك أو نذرت لك قلت هذا في غير ما نحن فيه لأنه في الأمور الاعتبارية وما نحن فيه في الأمور الالتزامية وهي يحتاط لها ويأتي ذلك في الإقرار كما سيذكره ويأتي ثم زيادة على ما هنا ولو لقن صيغة نحو إبراء ثم قال جهلت مدلولها وأمكن عادة خفاء ذلك عليه قبل وإلا فلا كما يأتي في النذر .