الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويرخص في ) بيع ( العرايا ) جمع عرية ، وهي ما يفرد للأكل لعروها عن حكم باقي البستان [ ص: 472 ] ( وهو ) أي : بيعها المفهوم من السياق كما قدرته ( بيع الرطب ) وألحق به الماوردي وغيره البسر ؛ لأن الحاجة إليه كهي إلى الرطب ( على النخل بتمر ) لا رطب ( في الأرض ، أو ) بيع ( العنب ) وإلحاق الحصرم به الذي زعمه شارح قياسا على البسر غلط كما قاله الأذرعي لبدو صلاح البسر وتناهي كبره فالخرص يدخله بخلاف الحصرم فيهما ونقل الإسنوي له عن الماوردي مردود بأن الصواب عنه البسر فقط ( في الشجر بزبيب ) لخبر الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر } أي : بالمثلثة ، وهو الرطب بالتمر أي بالفوقية { ورخص في بيع العرية أن تباع بخرصها } أي : بالفتح ويجوز الكسر مخروصها يأكلها أهلها رطبا وقيس به العنب بجامع أنه زكوي يمكن خرصه ويدخر يابسه ، وزعم أن فيه نصا باطل ومنع القياس في الرخص ضعيف ، وذكر الأرض للغالب لصحة بيع ذلك بتمر ، أو زبيب بالشجر كيلا لا خرصا وأخذ شارح بمفهومه فقال وأفهم كلامه الامتناع إذا كان كل من الرطب ، أو التمر على الشجر أو الأرض ، وهو كذلك ا هـ وإنما يجوز بيع العرايا في تمر لم تتعلق به زكاة كأن خرص عليه وضمن ، أو كان دون النصاب ، أو مملوكا لكافر و ( فيما دون خمسة أوسق ) بتقدير جفافه المراد بخرصها السابق في الحديث بمثله تمرا مكيلا يقينا لخبرهما أيضا { رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق ، أو دون خمسة أوسق } ودونها جائز يقينا فأخذنا به ؛ لأنها للشك مع أصل التحريم وأفهم الدون إجزاء أي نقص كان والأصح أنه لا بد من نقص قدر يزيد على ما يقع به التفاوت بين الكيلين غالبا كمد فلو بيع رطب ، وهو دون ذلك باعتبار الخرص لم يجب انتظار تتمره ؛ لأن الغالب مطابقة الخرص للجفاف فإن تتمر وظهر فيه التفاوت أكثر مما يقع بين الكيلين بان بطلان العقد .

                                                                                                                              ومحل البطلان فيما فوق الدون المذكور إن كان في صفقة واحدة ( و ) أما ( لو زاد ) عليه ( في صفقتين ) وكل منهما دون الخمسة فلا بطلان وإنما ( جاز ) ذلك ؛ لأن كلا عقد مستقل ، وهو دون الخمسة وتتعدد الصفقة هنا بما مر فلو باع ثلاثة لثلاثة كانت في حكم تسعة عقود ( ويشترط التقابض ) في المجلس ؛ لأنه بيع مطعوم بمثله ويحصل ( بتسليم التمر ) ، أو الزبيب إلى البائع ، أو تسلمه [ ص: 473 ] له ( كيلا ) ؛ لأنه منقول ، وقد بيع مقدرا فاشترط فيه ذلك كما مر في مبحث القبض ( والتخلية في النخل ) الذي عليه الرطب ، أو الكرم الذي عليه العنب وإن لم يكن النخل بمجلس العقد لكن لا بد من بقائهما فيه حتى يمضي زمن الوصول إليه ؛ لأن قبضه إنما يحصل حينئذ فإن قلت هذا ينافيه ما مر في الربا أنه لا بد فيه من القبض الحقيقي قلت ممنوع بل هذا في غير المنقول ، وهو قبضه الحقيقي وما وقع في أصل الروضة مما يوهم اشتراط حضورهما عند النخل غير مراد وذلك ؛ لأن غرض الرخصة بقاء التفكه بأخذ الرطب شيئا فشيئا إلى الجذاذ فلو شرط في قبضه كيله فات ذلك ( والأظهر أنه ) أي : البيع المماثل لما ذكر ( لا يجوز في سائر الثمار ) لتعذر خرصها باستتارها غالبا ، وبه فارقت العنب ( وأنه ) أي : بيع العرايا ( لا يختص بالفقراء ) ، وإن كانوا هم سبب الرخصة لشكايتهم له صلى الله عليه وسلم أنهم لا يجدون شيئا يشترون به الرطب إلا التمر ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وبأن ذلك حكمة المشروعية ، ثم قد يعم الحكم كالرمل والاضطباع وهم هنا من لا نقد بأيديهم

                                                                                                                              التالي السابق



                                                                                                                              الخدمات العلمية