( فصل ) في القسم الثاني من المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها كما قال ( ومن المنهي عنه ما ) أي نوع مغاير للأول ( لا يبطل ) بفتح ثم ضم كما نقل عن ضبطه أي بيعه لدلالة السياق عليه ويصح أن تكون ما واقعة على بيع [ ص: 309 ] فالفاعل مذكور وبضم ثم كسر كما نقل عن ضبطه أيضا أي يبطله النهي لفهمه من المنهي ومن ثم أعاد عليه ضمير رجوعه قيل وبضم ثم فتح وهو بعيد ( لرجوعه ) أي النهي عنه ( إلى معنى ) خارج عن ذاته ولازمها ولكنه ( يقترن به ) نظير البيع بعد نداء الجمعة فإنه ليس لذاته ولا لازمها بل لخشية تفويتها ( ) ذكرهما للغالب والحاضرة المدن والقرى والريف وهو أرض فيها زرع وخصب والبادية ما عدا ذلك ( بأن يقدم غريب ) هو مثال والمراد كل جالب كذا قالوه . كبيع حاضر لباد
ويظهر أن بعض أهل البلد لو كان عنده متاع مخزون فأخرجه ليبيعه بسعر يومه فتعرض له من يفوضه له ليبيعه له تدريجا بأغلى حرم أيضا للعلة الآتية ( بمتاع تعم الحاجة إليه ) مطعوما أو غيره ( ليبيعه بسعر يومه ) يظهر أنه تصوير فلو قدم ليبيعه بسعر ثلاثة أيام مثلا فقال له اتركه لأبيعه لك بسعر أربعة أيام مثلا حرم عليه ذلك للمعنى الآتي فيه [ ص: 310 ] ويحتمل التقييد بما دل عليه ظاهر كلامهم أن يريد بيعه بسعر الوقت الحاضر فيسأله تأخيره عنه ويوجه بأنه لا يتحقق التضييق إلا حينئذ لأن النفوس إنما تتشوف للشيء في أول أمره فلو أراد مالكه تأخير زمن فسأله آخر أن يؤخره عنه لم يحرم ( فيقول بلدي ) هو مثال أيضا ولو تعدد القائلون معا أو مرتبا أثموا كلهم كما هو ظاهر ( اتركه عندي ) مثال أيضا ( لأبيعه ) أو ليبيعه فلان معي أو بنظري فيما يظهر ويحتمل خلافه ( على التدريج ) أي شيئا فشيئا ( بأغلى ) للخبر الصحيح { } ووقع لشارح أنه زاد فيه في غفلاتهم ونسبه لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض وهو غلط إذ لا وجود لهذه الزيادة في لمسلم بل ولا في كتب الحديث كما قضى به سبر ما بأيدي الناس منها وأفاد آخره أن علة تحريمه وهو خاص بالقائل للمالك ذلك ولا يقال هو بإجابته معين له على معصية لأن شرطه أن لا توجد المعصية إلا منهما كلعب شافعي الشطرنج مع من يحرمه مسلم مع من تلزمه بعد ندائها وهنا المعصية تمت قبل أن يجيبه المالك ومن صور ما في المتن بأن يجيبه لذلك فإنما أراد التصوير كما هو ظاهر ما فيه من التضييق على الناس أي باعتبار ما من شأنه وإن لم يظهر ببيعه سعة في البلد بخلاف ما لا يحتاج إليه إلا نادرا وما لو قصد المالك بيعه بنفسه تدريجا فسأله آخر أن يفوض له ذلك أو سأله المالك أو سأل هو المالك أن يبيع له بسعر يومه أو استشاره فأشار عليه بما هو الأصلح له لوجوبه عليه على الأوجه ولو قدم من يريد الشراء فتعرض له [ ص: 311 ] من يشتري له رخيصا ففي إثمه تردد واختار ومبايعة من لا تلزمه الجمعة الإثم لحديث فيه عند البخاري أبي داود وبحث الأذرعي الجزم به وسبقه إليه ابن يونس وله وجه كالبيع وإن أمكن الفرق بأن الشراء غالبا بالنقد وهو لا تعم الحاجة إليه ومال إليه جمع متأخرون ويمكن الجمع بحمل الأول على شراء بمتاع تعم الحاجة إليه والثاني على خلافه ولا بد هنا وفي جميع المناهي على ما يأتي يكون عالما بالنهي أي أو مقصرا في تعلمه كما هو ظاهر أخذا من قولهم يجب على من باشر أمرا أن يتعلم ما يتعلق به مما يغلب وقوعه .