( ويجوز ) بلا كراهة خلافا الدفن ليلا للحسن وحده مع أنه استدل بخبر في لا يدل له وذلك لما صح أنه صلى الله عليه وسلم فعله وكذا الخلفاء الراشدون [ ص: 195 ] ( ووقت كراهة الصلاة ) إجماعا وكالصلاة ذات السبب الآتي ( إذا لم يتحره ) لأن سببه وهو الموت متقدم أو مقارن أما إذا تحراه في الوقت المكروه من حيث الزمن فلا يجوز كما يأتي لخبر مسلم عن مسلم رضي الله عنه { عقبة بن عامر } قال في المجموع عقبه عن جمع أنهم أجابوا عنه بأن الإجماع دل على ترك العمل بظاهره في الدفن وعن آخرين أنهم أجابوا بأن النهي إنما هو عن تحري هذه الأوقات للدفن فهذا هو المكروه وهو مراد الحديث قال وهذا أحسن من الأول بخلافه من حيث الفعل وهو ما بعد صلاة الصبح إلى الطلوع والعصر إلى الغروب فلا يحرم فيه وإن تحرى كما قاله ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهن وأن نقبر فيهن موتانا وذكر وقت الاستواء والطلوع والغروب الإسنوي وغيره واستدلوا له بالخبر وكلام الأصحاب لكن نوزع فيه بأن المعتمد أنه لا فرق وعليه فليس من التحري التأخير بقصد زيادة المصلين كما هو ظاهر خلافا لما يقتضيه كلام بعضهم لتعليلهم البطلان في التحري بأن فيه مراغمة الشرع وهذا لا مراغمة فيه بوجه وإن لم يندب كما مر .
( تنبيه ) ظاهر كلامهم بل صريحه أنه لا فرق فيما ذكروه هنا بين حرم مكة وغيره ويشكل عليه ما مر من الفرق بينهما في الصلاة ومما يؤيد اتحاد المحلين المعتمد المذكور أنه لا فرق بين الأوقات الزمانية والفعلية كهو ثم وإن الأصحاب هنا أطلقوا الكراهة عند التحري واختلفوا ثم هل تكره أو تحرم والمعتمد الحرمة قال جمع فقياسه الحرمة هنا فهذا القياس صريح في استثناء حرم مكة هنا وإن تحرى كهو ثم وافتراقهما ما مر عن الإسنوي وغيره من قصر التحريم عند التحري على الأوقات الزمانية بخلافه ثم وما قالوه هنا أنه عند عدم التحري لا كراهة بخلافه ثم ولك أن تقول ما هنا من حيز ذي السبب المتقدم أو المقارن كما تقرر وما هو كذلك لا حرمة أو كراهة فيه ثم إلا عند التحري فكذا هنا فمن ثم انتفى النهي عند عدم التحري نظرا للسبب بقسميه هنا وثم وبهذا يتجه ترجيح المعتمد المذكور أنه لا فرق بين الوقت الفعلي والزماني لأن المدار على التحري وهو عام في الوقتين ثم فكذا هنا ويفرق بين اتحادهما في ذلك كله واختلافهما في حرم مكة بأن الصلاة لما تميزت فيه عليها في غيره بالمضاعفة [ ص: 196 ] الآتية التي لا توجد أصلا في غيره ناسب أن يوسع فيه لمريدها وإن تحراها فيه ولم يؤمر بتأخيرها إلى خارجه حيازة لتلك المضاعفة التي لا توجد في غيرها وأيضا فالتحري المنتج لمراغمة الشرع لا يتصور في الصلاة فيه مع قول الشارع صلى الله عليه وسلم { } ولا كذلك الدفن في الأمرين فإنه ليس من شأن الميت أن يخرج به من لا تمنعوا أحدا طاف وصلى أية ساعة شاء الحرم فلا يخشى فوات شيء وأيضا فتحري الدفن في هذا الوقت مع حصول المقصود منه بتأخيره إلى خروج الوقت المكروه فيه مراغمة ظاهرة فتأمل ذلك فإنه مهم والحاصل أن من شأن المصلي كونه تارة في الحرم وتارة خارجه فوسع له اغتنام الحرم ولم يتصور منه مراغمة والدفن ليس من شأنه ذلك فتصورت المراغمة فيه ( وغيرهما ) أي الليل ووقت الكراهة وهو ما بقي من النهار ( أفضل ) للدفن منهما أي فاضل عليهما لأنه مندوب بخلافهما نعم إن خشي من التأخير إلى الوقت المندوب تغير حرم أو زيادة على الإسراع المطلوب ندب تركه فيما يظهر