( وإذا أي كله أو بعضه ( أراق ) ندبا ( الآخر ) إن لم يحتجه وقيد بالاستعمال بفرض أنه لم يرد باستعمال أراد ؛ لأنه لا يتحقق الإعراض عن الآخر إلا به غالبا فلا ينافي أن المعتمد ندب الإراقة قبله لئلا يغلط ويتشوش ظنه ( فإن تركه ) بلا إراقة فإن لم يبق من الأول بقية لم يجز الاجتهاد ؛ لأن شرطه على الأصح عند استعمل ما ظنه ) الطاهر من الماءين بالاجتهاد المصنف أن يكون في متعدد حقيقة فلا يجوز في كمين لثوب مثلا ما داما متصلين به .
وزعم أنه إذا تلف أحدهما ينبغي استعمال الباقي بلا اجتهاد كالمشكوك في نجاسته نظرا للأصل مردود بأن باب الاجتهاد ترك فيه الأصل بالشك أي أصل الطهارة وأصل عدم وقوع النجس في كل إناء بخصوصه كما ترك الأصل في عملا بالظاهر لقوته باستناده لمعين مع ضعف احتمال خلافه ، وإن بقي من الأول بقية وإن قلت لوجوب استعمال الناقص لزمه عند إرادة الوضوء إعادة الاجتهاد فإن وافق الأول فواضح ( و ) إن ( تغير ظنه ) فيه [ ص: 111 ] ( لم يعمل بالثاني ) من ظنيه ( على النص ) لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد إن غسل جميع ما أصابه الأول أو يصلي بيقين النجاسة إن لم يغسله والتزام المخرج الأول قياسا على القبلة بعيد ؛ لأن أحد هذين الفسادين لا يأتي في العمل بالثاني فيها لاحتمال الجهة الثانية للصواب كالأولى فلم يلزم عليه نقض اجتهاد أصلا ، وأخذ ظبية رئيت تبول في ماء كثير ، ثم رئي عقب البول متغيرا البلقيني مما ذكر [ ص: 112 ] أنه لو غسل بين الاجتهادين جميع ما أصابه بماء غيرهما عمل الثاني إذ لا يلزم عليه ما ذكر وحينئذ هو نظير مسألة القبلة وظاهر كلامهم الإعراض عن الظن الثاني ، وما يترتب عليه حينئذ فلو تغير اجتهاده ووضوءه الأول باق صلى به ولا نظر لظنه نجاسة أعضائه الآن لما علمت من إلغاء هذا الظن لما يلزم عليه من الفساد المذكور ( بل يتيمم ) بعد نحو الخلط لا قبله كما مر ( بلا إعادة ) حيث لم يغلب وجوده في محل التيمم ( في الأصح ) ؛ لأنه ليس مع طاهر بيقين ولا نظر إلى أن معه طاهرا بالظن ؛ لأنه لا عبرة بهذا الظن لما يلزم عليه من الفساد كما تقرر .
( تنبيه )
ما قررت به المتن من فرض قوله وتغير ظنه فيما إذا بقي من الأول بقية ، إنما هو ليأتي على طريقته أنه لا يجوز الاجتهاد إلا في متعدد ومن التقييد بنحو الخلط إنما هو ليصح قوله بلا إعادة لما علم من قوله بل يخلطان ، ثم يتيمم إن تلفهما أو تلف أحدهما ، وأما اشتراط أن لا يغلب وجود الماء فمعلوم من كلامه في التيمم فعلم أنه لا اعتراض عليه بوجه ، وأنه يصح تخريج كلامه على طريق شرط صحة التيمم الرافعي أيضا من جواز الاجتهاد مع عدم التعدد ، وأنه لا يحتاج عليها في عدم الإعادة إلى تقييد بنحو خلط ؛ لأنه ليس معه إلا إناء واحد فلا طهور معه بيقين هذا كله مع قطع النظر عن قوله في الأصح فمع النظر إليه يتعين تخريجه على رأي الرافعي فقط ؛ لأنه لا يظهر مقابل الأصح مع نحو الخلط المشترط على رأي المصنف بل مع وجود واحد فقط ؛ لأنه طاهر بالظن .
وزعم بعضهم تخالفهما في الإعادة فهي على طريقة الرافعي لا تجب وعلى طريقة المصنف تجب ؛ لأن معه طهورا بيقين [ ص: 113 ] غفلة عن وجوب تقييد ما أطلقه هنا بما قدمه من أن الخلط أي أو نحوه شرط لصحة التيمم وهذا الذي سلكته في تقرير عبارته من التفصيل أولى مما وقع للمتكلمين عليه من إطلاق بعضهم تخريج كلامه على الرأيين وبعضهم حصره على رأي الرافعي وعلم مما مر في الماء والبول أن [ ص: 114 ] أيضا أن يتأيد بأصل حل المطلوب فلا يجتهد عند شرط الاجتهاد ومما سيذكره في اشتباه خل بخمر أو لبن أتان بلبن مأكول أو مذكاة بميتة النكاح أن شرطه أيضا أن يكون للعلامة فيه مجال ومن ثم لم يجتهد في صورة اختلاط المحرم الآتية . موانع
ثم ومما قدمته في المتحير أنه يشترط للعمل به ظهور العلامة فلا يجوز له الإقدام على أحدهما بمجرد الحدس والتخمين كما مر ، وإنما كان هذا شرطا للعمل بخلاف ما قبله ؛ لأن تلك إذا وجدت اجتهد ، ثم إن ظهر له شيء عمل به وإلا فلا فما دل عليه ظاهر الروضة تبعا للغزالي من أن الأخير شرط للاجتهاد أيضا غير مراد وعن بعض الأصحاب اشتراط كونهما لواحد ، وإلا تطهر كل بإنائه كما في إن كان ذا غرابا فهي طالق وعكسه الآخر ولم يعلم فإن زوجة كل تحل له ورد بأن الوطء يستدعي ملك الواطئ للمحل ، والوضوء يصح بمغصوب وأوضح منه أنه لا مجال للاجتهاد في الأبضاع فأبقينا كلا على أصل الحل إذ لا نية ثم تتأثر بالشك ، وهنا له مجال من حيث إنه يصح من كل النظر في الطاهر منهما فوجب لتأثر النية بالشك في حق كل منهما .