( ولو فإن ) أزمناه بمجموع جرحيهما فهو للثاني ، ولا ضمان على الأول لما يأتي ، فإن جرحه ثانيا أيضا ، ولم يذفف ، وتمكن الثاني من ذبحه ضمن ربع قيمته توزيعا للنصف على جرحيه المهدر أحدهما نظير ما يأتي مع استدراك صاحب التقريب أذفف ، فإن أصاب المذبح حل ، وعليه ما نقص من قيمته بالذبح ، وإلا حرم ، وعليه قيمته مجروحا بالجرحين الأولين ، وكذا إن لم يذفف ، ولم يتمكن الثاني من ذبحه نظير ما يأتي ، وإن ( ذفف الثاني ، أو أزمن دون الأول ) أي : لم يوجد منه تذفيف ، ولا إزمان ( فهو للثاني ) ؛ لأنه المؤثر في امتناعه ، ولا شيء على الأول ؛ لأنه جرحه ، وهو مباح ( وإن ذفف الأول ف ) هو ( له ) لذلك [ ص: 342 ] لكن على الثاني أرش ما نقص بجرحه من لحمه ، وجلده ؛ لأنه جنى على ملك الغير ( وإن أزمن ) الأول ( ف ) هو لذلك ( ثم إن ذفف الثاني بقطع حلقوم ، ومريء فهو حلال ، وعليه للأول ما نقص بالذبح ) ، وهو ما بين قيمته زمنا ، ومذبوحا كذبحه شاة غيره متعديا جرح الصيد اثنان متعاقبان
وقول الإمام إنما يظهر التفاوت في مستقر الحياة تعقبه البلقيني بأن الجلد ينقص بالقطع ، وإن ذفف لكنه حينئذ إنما يضمن نقص الجلد فقط ، ويؤخذ منه صحة كلام الإمام ؛ لأنه إنما تفي في غير مستقر الحياة التفاوت بين قيمته مذبوحا ، وزمنا لا مطلق القيمة فلا يرد عليه ما ذكر في الجلد ( وإن ذفف لا بقطعهما ) أي الحلقوم ، والمريء فحرام ؛ لأنه مقدور عليه ، وهو لا يحل إلا بذبحه ( أو لم يذفف ، ومات بالجرحين فحرام ) لاجتماع المبيح ، والمحرم ( ويضمنه الثاني للأول ) ؛ لأنه أفسد ملكه أي : يضمن له في التذفيف قيمته مزمنا ، وكذا في الجرحين الغير المذففين إن لم يتمكن الأول من ذبحه على ما اقتضاه كلامهم لكن صححا استدراك صاحب التقريب عليهم بأنه ينبغي إذا ساوى سليما عشرة ، ومزمنا تسعة ، ومذبوحا ثمانية أنه يلزمه ثمانية ، ونصف لحصول الزهوق بفعليهما فيوزع الدرهم الفائت بهما عليهما ، أما إذا تمكن من ذبحه فتركه فله قدر ما فوته الثاني لا جميع قيمته مزمنا ؛ لأنه بتفريطه جعل فعل نفسه إفسادا ففي هذا المثال تجمع قيمتاه سليما ، وزمنا تبلغ تسعة عشر فيقسم عليهما ما فوتاه ، وهو عشرة فحصة الأول لو ضمن عشرة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة ، وحصة الثاني تسعة أجزاء من ذلك فهي اللازمة له ، وهذا على الراجح في أصل هذه المسألة ، وهو ما لو ففيما يلزم الجارحين ستة أوجه للأصحاب جنى على مملوك قيمته عشرة جراحة أرشها دينار ، ثم جرحه آخر جراحة أرشها دينار ، ومات بهما
وكلامهم في تحريرها طويل متشعب ، والذي أطبق عليه العراقيون منها ، واعتمده الحاوي الصغير ، وفروعه ، وغيرهم ، وقال إنه متعين ؛ لأنه إذا لم يكن بد من مخالفة النظائر ، والقواعد لاختصاص الواقعة بما يقطعها عنها فأقل تلك الأوجه محذورا هو هذا أنه يجمع [ ص: 343 ] بين قيمتيه فتكون تسعة عشر ، ثم يقسم عليه ما فوتاه ، وهو عشرة فعلى الأول عشرة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة ، وعلى الثاني تسعة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة ابن الصلاح
( وإن جرحا ) هـ ( معا ، وذففا ) هـ بجرحهما ( أو أزمنا ) هـ به ، أو ذففه أحدهما ، وأزمنه الآخر ، أو احتمل كون الإزمان بهما ، أو بأحدهما ( ف ) هو ( لهما ) ، وإن تفاوت جرحاهما ، أو كان أحدهما في المذبح لاشتراكهما في سبب الملك لكن ظاهرا في الأخيرة ، ومن ثم ندب لكل أن يستحل الآخر ، ولو علم تذفيف أحدهما ، وشك في تأثير جرح الآخر سلم النصف للأول ، ووقف النصف الآخر ، فإن بان الحال ، أو اصطلحا فواضح ، وإلا قسم بينهما نصفين ، ويسن لكل أن يستحل الآخر فيما خصه بالقسمة ( وإن ذفف أحدهما ، أو أزمن دون الآخر ) ، وقد جرحا معا ( ف ) هو ( له ) لانفراده بسبب الملك ، ولا ضمان على الآخر ؛ لأنه جرح مباحا ، ويحل المذفف ، ولو بغير المذبح
( وإن ذفف واحد ) لا بذبح شرعي ( وأزمن الآخر ) فيما إذا ترتبا ( وجهل السابق ) منهما ( حرم على المذهب ) تغليبا للمحرم ؛ لأنه الأصل كما مر ، فإنه يحتمل سبق التذفيف فيحل ، وتأخره فلا إلا بالذبح ، ومن ثم لو ذبحه المذفف حل قطعا ، والاعتبار في الترتيب ، والمعية بالإصابة دون ابتداء الرمي .