ص ( وله أن يتبرع إن استألف )
ش : قال في المدونة : وإن جاز ذلك ، وكذلك الوكيل على البيع إذا كان مفوضا إليه وما صنعه مفوضا إليه من شريك ، أو وكيل لم يلزم ولكن يلزم الشريك في حصته ويرده صنيع الوكيل إلا أن يهلك ما صنع الوكيل من ذلك ، فيضمنه انتهى . أخر أحدهما غريما بدين ، أو وضع له منه نظرا ، أو استئلافا في التجارة ليشتري منه في المستقبل
، وقال اللخمي : تأخير أحد الشريكين على وجه المعروف لا يجوز ولشريكه أن يرد التأخير في نصيبه من ذلك الدين ، وأما نصيب صاحبه فإن كان لا ضرر عليهما في قسمة الدين حينئذ مضى التأخير في نصيب من أخر ، وإن كان عليهما في ذلك ضرر ، وقال من أخر : لم أظن أن ذلك يفسد علي شيئا من الشركة رد جميع ذلك ، وإن لم يعلم بتأخيره حتى حل الأجل لم يكن على من أخر في ذلك مقال فإن أعسر الغريم بعد التأخير ضمن الشريك لشريكه نصيبه منه ، وإن كان تأخيره إرادة الاستئلاف جاز ذلك على [ ص: 127 ] شريكه ، ولا ضمان على من أخر إذا أعسر الغريم بعد ذلك إلا أن يكون الغريم ممن يخشى عدمه والعجز عن الأداء فيرد التأخير ويعجل جميع الحق ، وإن لم يرده حتى أعسر ضمن الشريك إذا كان عالما بذلك انتهى .
ونقله أبو الحسن عن المدونة كأنه المذهب ثم قال اللخمي عقب الكلام المتقدم قيل : لا يجوز التأخير لإرادة الاستئلاف ; لأنه من باب سلف بزيادة ، والقول الأول أحسن وليس هذا داخلا في معنى الحديث في النهي ولأن هذا إنما يرجو به حسن المعاملة من سائر الناس ، وقد يعامله هذا الغريم ، أو لا يعامله انتهى .
ونقل أبو الحسن نحوه عن ابن يونس ، وهذا الكلام يشهد لابن عبد السلام فيما قاله في المأذون له في التجارة إذا أخره استئلافا ونصه : ومنع من التأخير بالثمن ; لأنه إن كان عن غير فائدة فظاهر ، وإن كان لمنفعة الاستئلاف فهو سلف جر منفعة وأجيب باختيار القسم الثاني ، ولا يلزم عليه ما ذكر ; لأنها منفعة غير محققة الحصول وأيضا فإنه منقوض بالحر فإنه يجوز له التأخير بالأثمان طلبا لتحصيل محمدة الثناء انتهى . سحنون
قال ابن عرفة رد ابن عبد السلام على يرد بأنه إن أراد بنفي تحقق المنفعة نفي ظنها منع ، وإن أراد نفي علمها لم يضر ; لأن الظن كاف وقوله بجوازه في الحر طلبا للثناء ممنوع انتهى . سحنون
فقوله إن الظن كاف في المنع يرده كلام اللخمي ، ونحوه لابن يونس عن بعض القرويين وقوله إنه في الحر ممنوع لطلب الثناء يرده أيضا قول اللخمي يرجو به حسن المعاملة من سائر الناس فتأمله ، والله أعلم .
ثم قال اللخمي ، وإن وضع أحد الشريكين كان الجواب على ما تقدم في التأخير فلا يجوز على وجه المعروف ثم ينظر هل يمضي نصيب الذي وضع من ذلك ، أو يجوز إن أراد الاستئلاف إلا أن يكثر فيها حط فيرد الزائد على ما يراد به الاستئلاف انتهى .
فعلم من كلام اللخمي أن مقدار التبرع لأجل الاستئلاف يرجع فيه للعادة ، والله أعلم .