ص ( وهل ينبغي أن لا تعجل برؤيته تأويلان )
ش : لما ذكر أن المطلقة تحل بأول الحيضة الثالثة كما هو المشهور ، وهو مذهب المدونة نبه على أنه وقع في المدونة [ ص: 146 ] بأن ذلك عن أنه لا ينبغي أن يعجل بالنكاح حتى تستمر الحيضة ، واختلف الشيوخ هل هو خلاف أشهب لابن القاسم أو وفاق ؟ فمعنى كلام المصنف فمعمول تزويج محذوف ، والباء في برؤيته للسببية ، ونص كلامه في المدونة ، وترتجع الحامل ما بقي في بطنها ولد ، وغير الحامل ما لم تر أول الدم من الحيضة الثالثة فإن رأته فقد مضت الثلاثة الأقراء ، والأقراء الأطهار قال ، وهل ينبغي للمرأة إذا رأت أول الحيضة الثالثة أن لا تعجل بالتزويج بسبب رؤية الدم ، وأحب إلي أن لا تنكح حتى تستمر الحيضة ; لأنها ربما رأت الدم ساعة أو يوما ، ثم ينقطع فيعلم أن ذلك ليس بحيض فإذا رأت امرأة هذا في الحيضة الثالثة فلترتجع إلى بيتها ، والعدة قائمة ، ولزوجها الرجعة حتى تعود إليها حيضة صحيحة مستقيمة انتهى من أوائل إرخاء الستور منها قال أشهب المصنف في التوضيح .
واعلم أن قوله ، وينبغي هو من كلام في المدونة ، والكلام الأول أشهب لابن القاسم كذا قال الجمهور ، واختصر ابن أبي زمنين المدونة على أن مجموع الكلام ، وعلى الأول فاختلف هل كلام لأشهب وفاق ، وهي طريقة أشهب المصنف يعني ، وأكثر الشيوخ أو خلاف ، وإليه ذهب غير واحد وهو مذهب ابن الحاجب لقوله هو خير من رواية سحنون ابن القاسم ، وهو مثل رواية أنها لا تحل للأزواج ، ولا تبين من زوجها حتى يتبين أنها حيضة مستقيمة ، وهو مذهب ابن وهب ابن المواز وابن حبيب ، وعلى هذا فيكون قول ، وأحب محمولا على الوجوب ، ويبين ذلك تعليل أشهب بقوله إذ قد ينقطع عاجلا فإنها علة تقتضي الوجوب انتهى . فمعنى كلام أشهب المصنف أنه إذا قلنا إن المرأة تحل برؤية الحيضة الثالثة فهل ينبغي لها أن لا تعجل بالنكاح لأجل تلك الرؤية ، وخوف انقطاعه بناء على أن كلام وفاق ، ولا ينبغي لها ذلك عند أشهب ابن القاسم بناء على أنه خلاف ، وإذا قلنا بهذا فأحب للوجوب كما قال في التوضيح ، وحمله ابن رشد في رسم الطلاق من سماع أشهب من طلاق السنة على الاستحباب ، واستدل على ذلك فراجعه إن أردته ، والله أعلم .