ص ( وإن لاعن لرؤية ، وادعى الوطء قبلها ، وعدم الاستبراء في إلزامه به ، وعدمه ، ونفيه أقوال فلمالك ابن القاسم ، ويلحق إن ظهر يوما )
ش : وهذه المسألة داخلة في عموم المسألة التي فرغنا منها ; لأن فرض المسألة الأولى أنه لم يدع الاستبراء ، وهذه أخص ; لأنه ادعى أنه وطئ ، واقتصر المصنف في تلك على قول واحد ، وذكر هنا ثلاثة أقوال ، ويشير إلى قوله في المدونة ومن قال : رأيت امرأتي تزني ، ولم أجامعها بعد ذلك إلا أني كنت ، وطئتها قبل الرؤية في اليوم أو قبله ، ولم استبرئ فإنه يلاعن قال لمالك : ولا يلزمه ما أتت به من ولد قال مالك ابن القاسم : إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية فيلزمه ، وقد اختلف في ذلك قول فمرة ألزمه الولد ، ومرة لم يلزمه الولد ، ومرة قال ينفيه ، وإن كانت حاملا قال مالك ابن القاسم : وأحب ما فيه إلي أنه إن كان لها يوم الرؤية حمل ظاهر لا يشك فيه أن الولد يلحق به إذا التعن على الرؤية انتهى لفظ التهذيب ، واختلف شيوخ المدونة في فهم كلامها فمنهم من فهم المدونة على ظاهرها ، وإن قول اختلف على ثلاثة أقوال فمرة ألزمه الولد . مالك
وإن لم ينفه باللعان الأول ، وألحقه به ، وإن ، ولدته لأكثر من ستة أشهر من يوم الرؤية إلا أن ينفيه بلعان ثان ، وقوله مرة لم يلزمه أي ليس في اللعان الأول تعرض للولد ، فيبقى الأمر موقوفا فإن نفاه بلعان ثان ، انتفى وإن استلحقه لحق به ، وقوله ، ومرة قال بنفيه يعني أن الولد ينتفي باللعان الأول ، فلا يلحق به فإن ادعاه بعد ذلك حد ، ولحق به هكذا قرر الأقوال الثلاثة في التوضيح ، ومنهم من فهم المدونة على أنه ليس فيها إلا قولين الأول أن الولد منفي ، وإن أتت به لأقل من ستة أشهر ، وهو معنى قوله ، ومرة لم يلزمه الولد ، وقوله بعده [ ص: 135 ] مرة قال بنفيه تأكيد لهذا القول ، والقول الثاني الفرق بين أن يولد لستة أشهر فأكثر أو لأقل ، وهو معنى قوله في المدونة فمرة ألزمه الولد لكن على أن هذا القول مقيد بكلام ابن القاسم أعني قوله إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية ، وعلى هذا التأويل حمل المدونة ابن رشد وابن لبابة .
( تنبيهات الأول ) : ظاهر التهذيب أن هذا التقييد لابن القاسم ، وأنه ليس من كلام ، وقبله مالك المصنف في التوضيح ، وغيره ، وظاهر كلام الأم أنه ، وسيأتي نصه ( الثاني ) هذا الخلاف جار سواء كانت يوم الرؤية ظاهرة الحمل أم لا ، ولهذا قال لمالك ابن القاسم : وأحب ما فيه إلي إن كان لها يوم الرؤية حمل ظاهر لا يشك فيه أن الولد لاحق قال في التوضيح : وتفصيل ابن القاسم ظاهر ; لأنه لا يلزم من لعانه لنفي الحد نفي حمل ظاهر ، والظاهر أنه لا يشترط الظهور بل إنما يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية ، ولو قيل إنه للأول ، ولو أتت به لستة أشهر ; لأن وضع الولد لستة أشهر نادر ، والأصل إلحاق الولد بالفراش لكان أحسن انتهى .
قلت الذي اختاره ابن القاسم في المدونة ظاهر ; لأنه يقول إن كانت ظاهرة الحمل يوم الرؤية ، فالولد لاحق به إذا لم يدع الاستبراء يريد ، ولو أتت به لأكثر من ستة أشهر ، وإن لم تكن ظاهرة الحمل ، فالذي صدر به ابن القاسم أنه إن أتت به لأقل من ستة أشهر ، فهو لاحق ، وإلا فهو منفي باللعان للرؤية ، ونص كلامه الموعود به قلت فإن قال : رأيتها تزني الساعة ، ولم أجامعها بعد ذلك إلا أني قد كنت جامعتها من قبل أن أراها فقال : يلتعن ، ولا يلزمه الولد مالك قلت فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من بعد ما التعن أيلزمه قال : نعم ; لأن الحمل قد كان من قبل أن يراها تزني ، وقد اختلف قول فمرة ألزمه الولد ، ومرة لم يلزمه إياه ، ومرة قال : بنفيه ، وإن كانت حاملا ، وأحب ما فيه إلي أنه إذا رآها تزني ، وبها حمل ظاهر لا شك فيه أنه يلحق به الولد إذا التعن على الرؤية ( الثالث ) قال في التوضيح : فإن قيل في قول مالك ابن القاسم أحب إلي نظر إذ هو موضع الجزم لعظم أمر الأنساب ، وإنما يقال أحب في باب العبادات قيل إنما حمله على ذلك اضطراب مدرك الإمام ، فلم يستطع الجزم بمخالفته انتهى .