ص ( إن تطوع به )
ش : مفهوم الشرط أن أنه لا يجزئه ، وهو خلاف مذهب المدونة ، وخلاف المشهور من المذهب قال في كتاب الحج الثاني من المدونة : وكل هدي واجب ، أو تطوع ، أو جزاء صيد دخله عيب بعد أن قلده ، وأشعره ، وهو صحيح مما يجوز في الهدي فحمله صاحبه ، أو ساقه حتى ، أوقفه الهدي الواجب إذا قلد سليما ، ثم طرأ عليه عيب يمنع الإجزاء بعرفة فنحره بمنى أجزأه وإن فاته أن يقف [ ص: 188 ] به بعرفة فساقه إلى منى ، فلا ينحره بها ، ولكن بمكة ولا يخرجه إلى الحل ثانية إن كان قد أدخله من الحل انتهى .
وقال بعده : ومن قلد هديا ، أو أشعره وهو لا يجزئه إلى آخر كلامه المتقدم في القولة التي قبل هذه ، وقال سند في شرح المسألة الأولى : الهدي على ثلاثة أضرب : واجب وتطوع ومنذور وهو على ضربين : منذور معين ومنذور في الذمة فما قلد من ذلك ، أو أشعر ، أو عين ، وإن لم يقلد ويشعر ، ثم حدث به عيب ، أو كسر ، أو غيره مما لا يجزئ معه فلا يخلو إما أن يكون بتعد ، أو تفريط ، أو بغير ذلك فإن تعدى ، أو فرط ضمن ، وأما إن كان بغير ذلك ، فأما التطوع والمنذور عينه ، فلا يضمنه ; لأنه لو مات لم يضمنه ، وأما غيره فيختلف فيه فروى ابن القاسم أنه يجزئه وقال الأبهري : القياس أن يبدله انتهى .
. وقال : ويعتبر حين الوجوب والتقليد على المشهور لا وقت الذبح ، فلو قلد هديا سالما ، ثم تعيب أجزأه ، وبالعكس لم يجزه على المشهور فيهما قال في التوضيح تصوره ظاهر والمشهور مذهب المدونة والشاذ لم يجزم به ابن الحاجب الأبهري الذي هو منسوب إليه بل قال : إنه القياس لكن صرح اللخمي بأنه خلاف فقال : وإذا سيق الهدي عن الواجب لم تبرأ الذمة إلا ببلوغه لقوله سبحانه هديا بالغ الكعبة فإن ضل ، أو سرق ، أو هلك ، أو عطب قبل بلوغه لم يجزه واختلف إذا نزل به عيب ، ثم بلغ محله فقال : ينحره ، ويجزئه وقال مالك الأبهري : القياس أن لا يجزئه كموته ابن بشير وقول الأبهري ويؤخذ منه أنه لا يجب بالتقليد والإشعار ، أو بقبول وإن وجب عنده لكنه لا يستقل هديا إلا أن يدوم كماله إلى وقت نحره انتهى كلام التوضيح .
وقال ابن عرفة : والمعتبر سلامته حين تقليده وإشعاره وعينه بعدهما لغو الصقلي عن وعبد الحق الأبهري القياس حدوثه كموته ، ثم قال الشيخ : عن ابن حبيب إن قلده سمينا فنحره فوجده أعجف أجزأ إن كانت مسافة يحدث فيها عجفه وإلا لم يجزه في الواجب ، وعكسه لا يجزئه إن كانت مسافته قد يسمن فيها ، وإلا فأحب بدله ، ثم قال : وفيها إن جنى عليه بعد تقليده وإشعاره أجزأه ، وأرش جنايته كأرش عيبه اللخمي على قول الأبهري لا يجزئه ، ويغرم الجاني قيمة هدي سليم ; لأن تعديه أوجبه عليه انتهى .
فتحصل من هذا أن الهدي إذا عين سالما ، ثم طرأ عليه عيب من الله ، أو من أجنبي أجزأه سواء كان الهدي تطوعا ، أو واجبا أما إن كان العيب بتعد من صاحبه ، أو تفريط ، فإنه يضمنه كما قال في الطراز : والظاهر أن قول المصنف إن تطوع به يتعلق بالمسألة التي بعد هذه أعني قوله ، وأرشه وثمنه في هدي إن بلغ ، وإلا تصدق به ، وفي الفرض يستعين به في غيره ، ويكون أصل الكلام أن يقال : وإن تطوع به فأرشه وثمنه إلخ .
ففصل الكاتب الفاء من قوله ، فأرشه ، ونقص من أول الكلام ، ورأوا ويقال : وأرشه وثمنه في هدي إن بلغ ، وإلا تصدق به إن تطوع به ، والأول أقرب ، ويدل على ذلك مقابلته بالفرض أعني قوله ، وفي الفرض يستعين به في غيره ، فتأمله ومشى الشارح على أن قوله إن تطوع به قيد للمشهور في قوله بخلاف عكسه ، فقال إثره : أي إذا قلده سليما ، ثم تعيب ، فإنه يجزئه في التطوع يريد ، وعليه بدله في الواجب إذا كان مضمونا نص عليه غير واحد انتهى . ومشى على ذلك في شامله ولم ينبه على ذلك ابن غازي ، وأما البساطي .
ففي كلامه تدافع ; لأنه قال : وأما قوله إن تطوع به ، فهو شرط في إجزاء العكس يعني أنه إذا قلده سالما ، ثم تعيب أجزأه إن كان تطوعا ، ومفهوم الشرط إن كان واجبا لم يجزه لكن يفهم منه ما يفعل به ، والمنصوص أنه ينحره أيضا بدله ، ثم ذكر كلام المدونة المتقدم ، ثم قال : وظاهر هذا خلاف ما قال المؤلف ، ثم ذكر كلاما طويلا فراجعه إن أحببته وتأمله والله أعلم .