( الثاني ) تقدم كلام ابن رشد أن حكم نفقة الأبوين حكم نفقة الولد ، وأما نفقة الزوجة فقال اللخمي وصاحب البيان وصاحب الطراز : إن قلنا : الحج على التراخي فلا يجب عليه حتى يجد ما يتركه لها وإن قلنا : إنه على الفور فيجب عليه الحج ، وإن شاءت صبرت وإن شاءت طلقت نفسها ، ولفظ اللخمي وإن كانت فإنه يحج وعلى القول الآخر بمهل حتى يجد انتهى . له زوجة وله من المال كفاف حجة فإن خلف منه نفقتها لم يبلغه الباقي وإن لم يخلف النفقة قامت بالطلاق
ولفظ صاحب البيان في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم من كتاب الحج ولو كانت يجري ذلك على القولين هل هو على الفور أو التراخي ؟ ولفظ صاحب الطراز في أول كتاب الحج الأول إن كان عنده من تلزمه نفقته وقلنا : الحج على التراخي اعتبر قدرته على ما ينفقه في ذهابه وعوده وما ينفق على مخلفيه في غيبته هذا إن لم تكن له حرفة في سفره فإن كانت له حرفة توصله وتعود به اعتبر ما يترك لنفقة أهله ، فإن النفقة من حقوق الآدميين وهم أحوج إليها ، وقال عليه السلام : { له زوجة فهو إن ترك عندها نفقة لم يبق له ما يحج به وإن خرج ولم يترك لها نفقة طلقت نفسها عليه } . هذا على قولنا : إن فريضة الحج على التراخي فيكون حق الولد والزوجة تقدما عليه كما يقدم على الكفارة ، وإن قلنا : على الفور كان أولى من النفقة ; لأن نفقة الزوجة لم تتعين إن شاءت صبرت وإن شاءت فارقت ، ونفقة الأقارب مواساة تجب في الفضلة فلا يترك لها ما تعين فعله ، قال كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ابن القاسم في العتبية فيمن لا يملك إلا قرية وله ولد قال : يبيعها لحج الفريضة ويدع ولده في الصدقة انتهى .
( ( قلت ) ) وهذا والله أعلم ما لم يخش العنت من مفارقتها بأن يقع في الزنا معها أو مع غيرها فيقدم نفقتها كما سيأتي في التنبيه الذي بعده وعزا بيع القرية التي لا يملك غيرها لابن القاسم كما فعل صاحب التوضيح وقد تقدم أنه والله أعلم . لمالك