( ( قلت ) ) وقفت على تأليف في الرد على قائل هذه الكلمة للشيخ أحمد بن محمد اللخمي السبتي ولعله الذي ذكره الشيخ زروق وأوله : سألت أيها الأخ عن المغرب وذلك مذكور عن بعض من يعزى إلى الفقه من المتأخرين ، ويأبى الله والمسلمون سقوط قاعدة من قواعد الإسلام وركن من أركان الدين وعلم من أعلام الشريعة عن مكلف ضمه أفق من آفاق الدنيا أو صقع من أصقاع الأرض ، وهذا معلوم في الكتاب والسنة والإجماع وأطال في ذلك وحض في آخر كلامه على أن أمن الطريق الذي هو من أحكام الاستطاعة مفقود عندهم والصقع بضم الصاد المهملة وسكون القاف : الناحية ، ويقال بالسين واللفظ المذكور حكاه قول من قال : الحج ساقط عن أهل التادلي عن جماعة فحكى عن المازري أن الشيخ أبا الوليد أفتى بسقوط الحج عن أهل الأندلس وأن بضم الطاء الأولى أفتى بأنه حرام على أهل الطرطوشي المغرب ، وأن من غر وحج سقط فرضه ولكنه آثم بما ارتكب من الغرر وذكر عن مدخل ابن طلحة أن السبيل السابلة اسم لا يكاد يوجد ثم ذكر عنه أنه قال : لقيت في الطريق ما اعتقدت أن الحج معه ساقط عن أهل المغرب بل حرام . وذكر عن ابن العربي أنه رد هذا ونصه ، وفي تعليق المازري ما نصه قد علق الله الحج على الاستطاعة وبين العلماء أن الاستطاعة هي الوصول إلى البيت من غير مشقة مع الأمن على النفس والمال والتمكن من إقامة الفرائض وترك التفريط وارتكاب المناكير وسبب هذه الشروط أن الشيخ أبا الوليد أفتى بسقوط الحج عن أهل الأندلس ، وأفتى بأنه حرام على أهل المغرب فمن غر وحج سقط فرضه ولكنه آثم بما ارتكب من الغرر ، وهذا قول أئمة المسلمين المقتدى بهم فاعلموه واعتقدوه ، وفي مدخل الطرطوشي ابن طلحة السبيل السابلة اسم لا يكاد يوجد له مسمى فلقد دخلت الطريق من الأندلس إلى إشبيلية ثم إلى بجاية وعبرت الزقاق ،
وتخيلت وجود السبيل ثم خرجت إلى المهدية فلقيت في بلاد المغرب ما اعتقدت أن الحج معه ساقط على أهل المغرب بل حرام ، ثم قال : ولكن الانصراف فيما بين الله وبين العبد أولى من تقحم هذه المخاطرات ولله الأمر من قبل ومن بعد وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ، ورد ابن العربي على هؤلاء فقال : العجب ممن يقول : الحج ساقط عن أهل المغرب وهو يسافر من قطر إلى قطر ويقطع المخاوف ويخرق البحار في مقاصد دينية ودنيوية ، والحال واحد في الخوف والأمن والحلال والحرام وإنفاق المال وإعطائه في الطريق وغيره لمن لا يرضي انتهى .
ما نقله التادلي ونقله ابن فرحون وقال ابن معلى : إشارة صوفية ، قال الإمام حين تكلم على هذه المسألة أعني أبو عبد الله المازري ما نصه وقد خاض في هذه المسألة المتأخرون وأكثروا فيها القول فكل تعلق بمقدار ما يكثر على سمعه من المسافرين إلى مسألة سقوط فرض الحج عمن يكره على دفع مال غير مجحف به لظالم استغرمه إياه مكة شرفها الله من تهويل ما يجري على الحجاج ، قال : ولقد حضرت مجلس شيخنا أبي الحسن اللخمي بصفاقص وحوله جمل من أهل العلم من تلامذته وهم يتكلمون على هذه المسألة فأكثروا القول والتنازع فيها فمن قائل بالإسقاط ومن متوقف صامت ، والشيخ رحمه الله لا يتكلم وكان معنا في المجلس الشيخ أبو الطيب الواعظ وكنا ما أبصرناه فأدخل رأسه في الحلقة وخاطب الشيخ اللخمي وقال : يا مولاي الشيخ [ ص: 498 ]
إن كان سفك دمي أقصى مرادهم فما غلت نظرة منهم بسفك دمي
فاستحسن اللخمي هذه الإشارة من جهة طرق المتصوفة لا من جهة التفقه انتهى .ونقله التادلي قال : وأنشد في السراج
قالوا توق رجال الحي إن لهم عينا عليك إذا ما نمت لم تنم
( فقلت ) إن دمي أقصى مرادهم وما غلت نظرة منهم بسفك دمي
والله لو علمت نفسي بمن هويت جاءت على رأسها فضلا عن القدم