وأما قولنا - : إنه الصفا والمروة سبعة أشواط لهما جميعا ، كالمفرد سواء [ ص: 181 ] سواء - : فلما رويناه من طريق يجزئ القارن بين الحج والعمرة طواف واحد سبعة أشواط لهما جميعا ، وسعي واحد بين نا مسلم نا قتيبة - عن الليث هو ابن سعد أن نافع قال لهم : اشهدوا أني قد أوجبت حجا مع عمرتي ، ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم ابن عمر مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ، ولم يزد على ذلك [ ولم ينحر ] ولم يحلق ، ولا قصر ، ولا أحل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ، وقال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق نا مسلم محمد بن حاتم نا نا بهز بن أسد - نا وهيب هو ابن خالد عن أبيه عن { عبد الله بن طاوس أنها أهلت بعمرة فقدمت ، ولم تطف عائشة بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها ، وقد أهلت بالحج ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النفر : يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت ، فبعث بها مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج } .
ومن طريق حدثني مسلم حسن بن علي الحلواني نا حدثني زيد بن الحباب حدثني إبراهيم بن نافع عن عبد الله بن أبي نجيح { مجاهد أنها حاضت عائشة أم المؤمنين بسرف فتطهرت بعرفة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك } . عن
ومن طريق نا مسلم نا قتيبة عن الليث { أبي الزبير قال : أقبلت جابر بن عبد الله بعمرة فذكر الحديث ; وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، وهي تبكي فقال : ما شأنك ؟ قالت شأني أني قد حضت ، وقد حل الناس ، ولم أحلل ، ولم أطف عائشة بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ، ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبين الصفا والمروة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد حللت من حجك وعمرتك جميعا } . عن
ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أشهب [ ص: 182 ] أن حدثهم أن مالكا ابن شهاب حدثاه عن وهشام بن عروة عروة { قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فقدمنا عائشة مكة فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ; وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا } . عن
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس نا عبد الله بن الحسين بن عقال نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد بن أحمد بن الجهم نا محمد بن بشر بن مطر نا أبو المصعب ، وجعفر بن محمد الوركاني قالا جميعا : نا - نا الدراوردي هو عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } . من قرن بين الحج والعمرة فليطف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا
فهذه آثار متواترة متظاهرة توجب العلم الضروري .
ومن طريق نا عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر أن نافع كان يقول : للقارن سعي واحد ، وللمتمتع سعيان ؟ ومن طريق ابن عمر عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن عن طاوس قال : يكفيك لهما طوافك الأول بين ابن عباس الصفا والمروة - يعني القارن بين الحج والعمرة .
ومن طريق عن سفيان الثوري قال : حلف لي سلمة بن كهيل ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجه وعمرته إلا طوافا واحدا . طاوس
ومن طريق جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يحفظ عن للقارن طوافا واحدا بين علي بن أبي طالب الصفا والمروة خلاف ما يحفظ أهل العراق .
ومن طريق هشيم بن بشير نا عن أبو بشر سليمان اليشكري أن قال : لو أهللت بالحج والعمرة جميعا تخص لهما طوافا واحدا ولكنت مهديا - يعني جابر بن عبد الله - . سوق الهدي قبل الإحرام
وهو قول ، محمد بن سيرين ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسالم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن علي بن الحسين ، والزهري ، ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، ، وأبي ثور ، وأصحابهم . وداود
[ ص: 183 ] وقالت طائفة : بل يطوف طوافين ، ويسعى سعيين - : كما روينا من طريق عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم النخعي أن الصبي بن معبد قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين ، ولم يحل بينهما وأهدى ، وأخبر بذلك ، فقال عمر بن الخطاب : هديت لسنة نبيك . عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق ، عباد بن كثير ويس الزيات قال يس : عن رجل عن ابن الأصبهاني وقال عباد : عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قرن بين الحج والعمرة فطاف الحسين بن علي بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لعمرته ، ثم قعد في الحجر ساعة ، ثم قام فطاف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لحجه ، ثم قال : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق عن عبد الرزاق الحسن بن عمارة عن عن الحكم بن عتيبة { عبد الرحمن بن أبي ليلى } . أن النبي جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين
وروي عن بعض الصحابة ، كما روينا من طريق عن منصور بن المعتمر مالك بن الحارث عن أبي نصر هو ابن عمرو السلمي - ومن طريق منصور عن رجل من بني سليم ; ومن طريق أبي عوانة عن عن الأعمش إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن أذينة ; ومن طريق عن وكيع عن مسعر بكير بن عطاء الليثي عن رجل من بني عذرة ، ومن طريق عن منصور بن زاذان ، الحكم بن عتيبة وزياد بن مالك ، ومن طريق ابن سمعان عن ابن شبرمة ، ثم اتفق أبو نصر بن عمرو ، والرجل السلمي ، والرجل العذري ، وعبد الرحمن بن أذينة ، ، والحكم بن عتيبة وزياد بن مالك ، وابن شبرمة كلهم عن أنه قال : يطوف القارن طوافين ويسعى سعيين - ومن طريق علي عن منصور بن زاذان زياد بن مالك - ومن طريق سفيان عن أبي إسحاق السبيعي ، ثم اتفق زياد بن مالك ، وأبو إسحاق كلاهما عن على القارن طوافان ، وسعيان . ابن مسعود
ومن طريق عن الحجاج بن أرطاة الحكم بن عمرو بن الأسود عن قال : إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين - وهو قول الحسين بن علي ، مجاهد ، وجابر بن زيد ، وشريح القاضي والشعبي ، ومحمد بن علي بن الحسين ، [ ص: 184 ] وإبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة ، وروي عن الأسود بن يزيد - وهو قول ، أبي حنيفة وسفيان ، ; وأشار نحوه والحسن بن حي الأوزاعي وها هنا قول ثالث رويناه من طريق قال : نا سعيد بن منصور جهم بن واقد الأنصاري سألت فقلت : قرنت الحج والعمرة فقال : تطوف طوافين عطاء بن أبي رباح بالبيت ويجزئك سعي واحد بين الصفا والمروة .
قال : أما قول أبو محمد هذا فإنه كان لا يرى السعي بين عطاء الصفا والمروة من فرائض الحج ; فلذلك أجزأه عنده سعي واحد بينهما ; لأنه للحج وحده .
قال : أما ما شغب به ، من يرى أن يطوف القارن طوافين ويسعى سعيين عن النبي صلى الله عليه وسلم فساقط كله لا يجوز الاحتجاج به . أبو محمد
وكذلك كل ما رووا في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم لا يصح منه ، ولا كلمة واحدة ، ولكنه عمن ذكرنا من التابعين صحيح إلا عن الأسود وحده فإنه من رواية جابر الجعفي .
أما حديث الضبي بن معبد فإن إبراهيم لم يدرك الضبي ، ولا سمع منه ، ولا أدرك فهو منقطع ، وقد رواه الثقات : عمر ، مجاهد ومنصور عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن الضبي - فلم يذكروا فيه طوافا ، ولا طوافين ، ولا سعيا ، ولا سعيين أصلا ; وإنما فيه أنه قرن بين الحج والعمرة فقط .
وأما حديث فمرسل ; ثم هو أيضا عن ابن أبي ليلى الحسن بن عمارة ; ولا يجوز الاحتجاج بروايته .
وأما حديث الحسين بن علي ، فعن ، عباد بن كثير ويس ، وكلاهما ضعيف جدا في غاية السقوط ، فسقط كل ذلك ، وتسقط بسقوطه الرواية عن عمرو عن الحسين بن علي .
ووالله ما جعل الله - تعالى - عذرا لمن يعارض رواية ، عطاء ، وطاوس ، ومجاهد وعروة ، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية أم المؤمنين عن نافع ابن عمر عن وأبي الزبير ، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه العفونات الذفرة ، ونعوذ بالله من الخذلان . جابر
[ ص: 185 ] وأما الرواية عن علي فأبو نصر بن عمرو ، وعبد الرحمن بن أذينة ، وزياد بن مالك ، ورجل من بني عذرة ، ورجل من بني سليم لا يدري أحد من خلق الله - تعالى - من هم ؟ وأما ، الحكم بن عتيبة وابن شبرمة فلم يدركه ولا ولدا إلا بعد موته ، وأما الرواية عن عليا ابنه ، فعن الحسين وهو في غاية السقوط . الحجاج بن أرطاة
وأما الرواية عن ابن مسعود فزياد بن مالك لا يدرى من هو .
وأما أبو إسحاق فلم يولد إلا سنة موت أو بعدها . ابن مسعود
فمن أعجب ممن يعارض رواية عن عبد الله بن عمر عن نافع ، ورواية ابن عمر عمرو بن دينار عن عن طاوس ، ورواية ابن عباس عن سلمة بن كهيل عن الصحابة جملة ، ورواية طاوس عن أبي بشر سليمان اليشكري عن ، ورواية جابر عن مالك الزهري ، عن وهشام بن عروة عروة عن عن كل من قرن من الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه النطائح المترديات ، وهذا - لمن تأمله - إجماع صحيح من جميع الصحابة رضي الله عنهم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكدح فيه ما جاء بعده - لو جاء - فكيف وكله باطل مطرح ؟ قال عائشة أم المؤمنين : وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو محمد ، طاوس عن ومجاهد ، ورواه ابن عباس ، عطاء عن ومحمد بن علي ، ورواه جابر عن طاوس سراقة ، كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم { } . دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
قال : ومن الباطل أن تحتاج العمرة إلى عمل غير عمل الحج ، وقد دخلت فيه ; ومن عجائب الدنيا احتجاجهم بمن ذكرنا من السقاط الذين يؤنس بالخير فقدهم منه ، ويوحش منه وجودهم فيه . علي
ثم يقولون في الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمره من قرن بين الحج والعمرة بأن يطوف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا : هذا من رواية الدراوردي ، نعم ، إنه لمن رواية الدراوردي الثقة المأمون ، لا من رواية ، الحجاج بن أرطاة ، وعباد بن كثير ويس الزيات ، المطرحين المتروكين .
ثم أعجب شيء : أن في رواية عبد الرحمن بن أذينة المذكور عن : أنه علي فجعل لا [ ص: 186 ] يجوز لمن بدأ بالإهلال بالحج أن يردف عليه عمرة ما روى أبو حنيفة ابن أذينة عن من أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين حجة خالف لها السنن الثابتة وإجماع الصحابة ، ولم يجعل ما رواه علي ابن أذينة عن - : من أنه لا يجوز لمن بدأ بالإهلال بالحج أن يضيف إليه عمرة - : حجة ، فما هذا التلاعب ؟ ولئن كانت رواية علي ابن أذينة عن في أحد الوجهين حجة : إنها لحجة في الوجه الآخر ، ولئن لم تكن حجة في أحد الوجهين فما هي حجة في الآخر . علي
ثم اعترضوا في الآثار الواردة عن بما روي عنه من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعا ، ولو أن الذي احتج بهذا يستحيي ممن حضره من الناس [ من ] قبل أن يبلغ إلى الحياء من الملائكة ، ثم من الذي إليه معاده - عز وجل - : لردعه عن هذه المجاهرة القبيحة . ابن عمر
وهذا الخبر قد ذكرناه وفيه [ من ] { } فوصف عمل القران وسماه : تمتعا . تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ فأهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج
والعجب أن هذا المجاهر بهذه العظيمة يناظر الدهر في إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا ، ثم أضرب عن ذلك الآن وجعل يوهم : أنه كان متمتعا ، وهذا من الغاية في السماجة والصفة المذمومة ، واعترض في الآثار المذكورة عن بما روي في ذلك الخبر من { عائشة أم المؤمنين } وأوهم هذا المكابر بهذه الألفاظ : أنها أحلت من العمرة ; وهذا باطل لأن - معنى { قول النبي صلى الله عليه وسلم ارفضي العمرة ، ودعي العمرة ، واتركي العمرة ، وامتشطي ، وانقضي رأسك ، وأهلي بالحج } أن تدع الطواف الذي هو عمل العمرة وتتركه ، وترفض عمل العمرة من أجل حيضها ، وتدخل حجا على عمرتها ، فتكون قارنة ، فإذا طهرت طافت ارفضي العمرة ، ودعي العمرة ، واتركي العمرة ، وأهلي بالحج بالبيت حينئذ للعمرة وللحج .
وأما بل هو مباح مطلق - : برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حينئذ { نقض الرأس والامتشاط فلا يكره ذلك في الإحرام بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك } . طوافك
[ ص: 187 ] فكيف يمكن أن يكفيها طوافها وسعيها لعمرة قد أحلت منها ؟ لولا الهوى المعمي المصم المقحم في بحار الضلالة بالمجاهرة بالباطل .
فصح يقينا أنه إنما كفاها طوافها وسعيها لحجها وعمرتها اللذين كانت قارنة بينهما ; هذا ما لا يحيل على من له أدنى فهم ، ولم يجد ما يموه به في حديث ، ولا في حديث جابر عروة عن عائشة : أن الذين جمعوا بين العمرة والحج من الصحابة طافوا لهما طوافا واحدا .
فرجع إلى أن قال : إن كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه وأشركه في هديه ، فلم يقل ما قال إلا عن علم ؟ فيقال لمن قال هذا القول : إنك تنسب إلى عليا الباطل ، وقولا لم يثبت عنه قط ، ثم لو ثبت عنه فأم المؤمنين كانت في تلك الحجة أبطن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعلم به من علي وغير علي ; وإذ صار علي هاهنا يجب تقليده وإطراح السنن الثابتة ; وأقوال سائر الصحابة لقول لم يصح عنه ، فهلا وجب تقليده في الثابت عنه من بيع أمهات الأولاد ، ومن قوله : إن في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه ; وسائر ما خالفوه فيه لما هو أقل مما تركوا هاهنا ؟ ولكن الهوى إله معبود ؟ وعهدنا بهم يقولون فيما روي عن علي أم المؤمنين إذ قالت لأم ولد زيد بن أرقم في بيعها غلاما من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء ، ثم ابتاعته منه بستمائة درهم نقدا : أبلغ زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب : مثل هذا لا يقال بالرأي - فهلا قالوا هاهنا في قول عائشة ، ، وجابر ، وابن عمر : إن القارن يجزئه طواف واحد : مثل هذا لا يقال بالرأي ، ولكن حسبهم ونصر المسألة الحاصلة الحاضرة بما يمكن وبالله - تعالى - التوفيق وابن عباس