813 - مسألة : وأما ; فإن كان لها زوج ففرض عليه أن يحج معها فإن لم يفعل فهو عاص لله تعالى وتحج هي دونه وليس له منعها من حج التطوع . المرأة التي لا زوج لها ولا ذا محرم يحج معها فإنها تحج ولا شيء عليها
وروينا عن ، إبراهيم ، وطاوس والشعبي ، والحسن : لا تحج المرأة إلا مع زوج أو محرم ، وهو قول الحسن بن حي .
وروينا عن ، أبي حنيفة وسفيان : إن كانت من مكة على أقل من ليال ثلاث فلها أن تحج مع غير زوج ، وغير ذي محرم ، وإن كانت على ثلاث فصاعدا فليس لها أن تحج إلا مع زوج ، أو ذي محرم من رجالها .
وروينا من طريق لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم . ابن عمر
وروينا من طريق عن أبي بكر بن أبي شيبة حميد عن الحسن بن حي عن علي بن عبد الأعلى : أن عكرمة سئل عن المرأة تحج مع غير ذي محرم أو زوج ؟ فقال : { } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسافر المرأة فوق ثلاث إلا مع ذي محرم
وقالت طائفة : تحج في رفقة مأمونة وإن لم يكن لها زوج ولا كان معها ذو محرم - : كما روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عن وكيع - عن يونس هو ابن يزيد الزهري قال : ذكر عند عائشة أم المؤمنين المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم ؟ قالت عائشة : ليس كل النساء تجد محرما . [ ص: 20 ]
ومن طريق نا سعيد بن منصور عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج قال : كان يسافر مع نافع مولى ابن عمر موليات ( له ) ليس معهن محرم ، وهو قول عبد الله بن عمر ابن سيرين ، وهو ظاهر قول وعطاء الزهري ، ، وقتادة والحكم بن عتيبة - وهو قول الأوزاعي ، ، ومالك ، والشافعي ، وجميع أصحابهم . وأبي سليمان
قال : أما قول أبو محمد في التحديد الذي ذكر فلا نعلم له سلفا فيه من الصحابة . أبي حنيفة
ولا من التابعين رضي الله عنهم ; بل ما نعلم أحدا قاله قبلهم ، وهم يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم ، ويقولون : إن المرسل كالمسند ، وقد صح عن ما ذكرنا ; وروي عن أم المؤمنين بأحسن مرسل يمكن وجود مثله ، ولا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد خالفهما أصحاب ابن عمر ، وهذا تناقض فاحش ؟ قال أبي حنيفة : ثم نظرنا فيما احتجت به كل طائفة لقولها فوجدنا أصحاب أبو محمد يحتجون لقولهم بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي حنيفة } . [ ص: 21 ] لا تسافر امرأة ثلاثا إلا مع زوج أو ذي محرم
وقالوا : قد روي أيضا " ليلتين " وروي " يوما وليلة " وروي " يوما " وروي " بريدا " قالوا : ونحن على يقين من تحريم وعلى شك من تحريم سفرها أقل من ذلك ; لأنه قد يكون ذكر الثلاث متقدما ويكون متأخرا فالثلاث على كل حال محرم عليها سفرها إلا مع زوج أو ذي محرم فنأخذ ما لا شك فيه وندع ما فيه الشك لا حجة لهم غير هذا أصلا . سفرها ثلاثا
قال : وهذا عليهم لا لهم لوجهين - : [ ص: 22 ] أحدهما : أنه ليس صواب العمل ما ذكروا ; لأنه إن كان خبر الثلاث متقدما أو متأخرا فليس فيه إن تقدم إبطال لحكم النهي عن سفرها أقل من ثلاث لكنه بعض ما في سائر الروايات ، وسائر الروايات زائدة عليه ، وليس هذا مكان نسخ أصلا ; بل كل ( تلك ) الأخبار حق وكلها يجب استعمالها وليس بعضها مخالفا لبعض أصلا . علي
ويقال لهم : خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } جامع لكل سفر فنحن على يقين من تحريم كل سفر عليها إلا مع زوج أو ذي محرم ، ثم لا ندري أبطل هذا الحكم أم لا ؟ فنأخذ باليقين ونلغي الشك ; فهذا معارض لاحتجاجهم مع ما قدمنا . لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم
ويقال لهم : عهدنا بكم تذمون الأخبار بالاضطراب ، وهذا خبر رواه ، أبو سعيد ، وأبو هريرة ، وابن عمر ، فلم يضطرب عن وابن عباس أصلا واضطرب عن سائرهم - : فروي عن ابن عباس : { ابن عمر } ; وروي عنه : { لا تسافر ثلاثا } ; وروي عن لا تسافر فوق ثلاث : { أبي سعيد } ; وروي عنه { لا تسافر فوق ثلاث } ; وروي عن لا تسافر يومين : { أبي هريرة } ; وروي عنه : { لا تسافر ثلاثا } ; وروي عنه : { لا تسافر فوق ثلاث } ; وروي عنه : { لا تسافر يوما وليلة } ; وروي عنه : { لا تسافر يوما } ; فعلى أصلكم دعوا رواية من اختلف عليه واضطرب عنه إذ ليس بعض ما روي عن كل واحد أولى من سائر ما روي عنه ; وخذوا برواية من لم يختلف عليه ولا اضطرب عنه ; وهو لا تسافر بريدا ; فهذا أشبه من استدلالكم . والوجه الثاني : ابن عباس
أنه قد روي عن ، ابن عمر ، وأبي سعيد ، كما ذكرنا لا تسافر ( المرأة ) فوق ثلاث ; فإن صححتم استدلالكم ( الفاسد ) بأخذ أكثر مما ذكر في تلك الأخبار فامنعوها مما زاد على مسيرة ثلاث ; لأنه اليقين وأبيحوا لها سفر الثلاث ; لأنه مشكوك فيه كما سفر اليومين ، واليوم ، والبريد مشكوك فيه عندكم ; وهذا ما لا مخلص لهم منه ; فإن ادعوا إجماعا هاهنا - فما هذا ينكر من إقدامهم ، وأكذبهم ما روينا من طريق وأبي هريرة الحذافي - عن - نا عبد الرزاق عبد الله بن عمر بن حفص عن عن نافع قال : لا تسافر امرأة فوق ثلاث إلا مع ذي محرم ; ولا سيما ابن عمر هو راوي الحديث الذي تعلقوا به . وابن عمر
[ ص: 23 ] وأكذبهم أيضا ما روينا عن عكرمة آنفا من منعه إياها ما زاد على الثلاث لا ما دون ذلك .
والعجب أنهم يقولون في امرأة لا تجد معاشا أصلا إلا على ثلاث فصاعدا ; أنها تخرج بلا زوج ولا ذي محرم .
ويقولون فيمن حفزتها فتنة - وخشيت على ، نفسها غلبة الكفار ، والمحاربين ، أو الفساق ولم تجد أمنا إلا على ثلاث فصاعدا - أنها تخرج مع غير زوج ومع غير ذي محرم ، وطاعة الله تعالى في الحج واجبة عليها كوجوب خلاص روحها .
فإن قالوا : الزوج والمحرم من السبيل ؟ قلنا : عليكم الدليل وإلا فهي دعوى فاسدة لم يعجز عن مثلها أحد ، فسقط هذا القول الفاسد جملة - وبالله تعالى التوفيق .
ثم نظرنا في قول عكرمة واحتجاجه بالخبر الذي فيه ما زاد على الثلاث فوجدناه لا حجة له فيه لما ذكرنا من أن سائر الأخبار وردت بالمنع ، مما دون الثلاث ; فليس الخبر الذي فيه نهيها عن أن تسافر ثلاثا أو أكثر من ثلاث بأولى من سائر الأخبار التي فيها منعها من سفر أقل من ثلاث ؟ قال : فبطل هذا القول أيضا ولم يبق إلا قولنا ، أو قول أبو محمد ، النخعي والشعبي ، ، وطاوس والحسن في منعها جملة أو إطلاقها جملة ; فوجدنا المانعين يحتجون بالأخبار التي ذكرنا ، وهي أخبار صحاح لا يحل خلافها إلا لنص آخر يبين حكمها إن وجد .
فنظرنا فوجدنا ما حدثناه عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا أبي ، ابن نمير وابن إدريس قالا : نا - عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } . ولا تمنعوا إماء الله مساجد الله
وبه إلى نا أبي نا ابن نمير حنظلة هو ابن أبي سفيان الجمحي - قال : سمعت يقول : سمعت سالما هو ابن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ابن عمر إذا استأذنكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن } فأمر عليه السلام [ ص: 24 ] الأزواج وغيرهم أن لا يمنعوا النساء من المساجد ; والمسجد الحرام أجل المساجد قدرا .
ووجدنا الله تعالى يقول : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ثم وجدنا سفرا واجبا ، وسفرا غير واجب ; فكان السفر الواجب بعض الأسفار بلا شك ، وكان الحج من السفر الواجب ; فلم يجز أخذ بعض الآثار دون بعض ووجبت الطاعة لجميعها ولزم استعمالها كلها ولا بد : فهذا هو الفرض ، وكان من رفض بعضها وأخذ بعضها عاصيا لله تعالى ، ولا سبيل إلى استعمال جميعها إلا بأن يستثنى الأخص منها من الأعم ، ولا بد ; فكان نهي المرأة عن السفر إلا مع زوج ، أو ذي محرم عاما لكل سفر ; فوجب استثناء ما جاء به النص من إيجاب بعض الأسفار عليها من جملة النهي ، والحج سفر واجب فوجب استثناؤه من جملة النهي . الأسفار تنقسم قسمين
فإن قالوا : بل إيجاب الحج على النساء عموم فيخص ذلك بحديث النهي عن السفر إلا مع زوج أو ذي محرم ؟ قلنا : هذا خطأ ; لأن تلك الأخبار إنما جاءت بالنهي عن كل سفر جملة لا عن الحج خاصة ، وإنما كان يمكن أن يعارضوا بهذا ( أن ) لو جاءت في النهي عن أن تحج المرأة إلا مع زوج ، أو ذي محرم ; فكان يكون حينئذ اعتراضا صحيحا وتخصيصا لأقل الحكمين من أعمهما وهذا بين جدا ؟ وبرهان آخر - : وهو أن تلك الأخبار كلها إنما خوطب بها ذوات الأزواج ، واللاتي لهن المحارم ; لأن فيها إباحة الحج أو إيجابه مع الزوج ، أو ذي المحرم بلا شك ; ومن المحال الممتنع الذي لا يمكن أصلا أن يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بالحج مع زوج أو ذي محرم من لا زوج لها ولا ذا محرم ، فبقي من لا زوج لها ولا محرم على وجوب الحج عليها وعلى خروجها عن ذلك النهي .
وبرهان آخر - : وهو ما حدثناه حمام قال : نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا أخبرنا أحمد بن خالد عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن يوسف الحذافي نا نا عبد الرزاق ، ابن جريج كلاهما عن وسفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن أبي معبد عن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : { ابن عباس } فكان هذا الحديث رافعا للإشكال ومبينا لما اختلفنا فيه من هذه المسألة ، لأن نهيه عليه السلام عن أن تسافر امرأة إلا مع ذي محرم وقع ثم سأله الرجل عن امرأته التي خرجت حاجة لا مع ذي محرم ، ولا مع زوج فأمره عليه السلام بأن ينطلق فيحج معها ولم يأمر بردها ولا عاب سفرها إلى الحج دونه ودون ذي محرم ، وفي أمره عليه السلام بأن ينطلق فيحج معها بيان صحيح ونص صريح على أنها كانت ممكنا إدراكها بلا شك فأقر عليه السلام سفرها كما خرجت فيه ، وأثبته ولم ينكره ; فصار الفرض على الزوج ; فإن حج معها فقد أدى ما عليه من صحبتها وإن لم يفعل فهو عاص لله تعالى وعليها التمادي في حجها والخروج إليه دونه أو معه أو دون ذي محرم أو معه كما أقرها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكره عليها ، فارتفع الشغب جملة - ولله الحمد كثيرا . لا يخلون رجل بامرأة ، ولا تسافر [ ص: 25 ] امرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال : انطلق فاحجج مع امرأتك
فإن قال قائل : فأين أنتم عما رويتموه من طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج عمرو بن دينار ؟ قال : أخبرني عكرمة ، أو أبو معبد عن قال { ابن عباس المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين نزلت ؟ قال : على فلانة ، قال : أغلقت عليها بابك - مرتين - لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم } قال جاء رجل إلى : وأما عبد الرزاق فأخبرناه عن ابن عيينة عمرو عن عكرمة ليس فيه شك ؟ قلنا : هذا خبر لم يحفظه ابن جريح لأنه شك فيه أحدثه به عمرو عن عكرمة مرسلا ؟ أم حدثه به عمرو عن أبي معبد مسندا ؟ فلم يثبته أصلا ; فبطل التعلق به وإنما صوابه كما رواه عن عبد الرزاق سفيان ، عن وابن جريج عمرو عن أبي معبد عن كما أوردناه آنفا ليس فيه هذه اللفظة . ابن عباس
وهكذا رويناه أيضا من طريق كما حدثنا ( به ) حماد بن زيد أحمد بن محمد الطلمنكي نا نا ابن مفرج إبراهيم بن أحمد بن فراس نا نا محمد بن علي بن زيد الصائغ نا سعيد بن منصور عن حماد بن زيد عمرو بن دينار عن أبي معبد { : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب - يقول لا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخلن عليها رجل إلا ومعها محرم ; فقال رجل : يا رسول الله إن نذرت أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ؟ قال : فاخرج معها ابن عباس } فلم يقل عليه السلام : لا [ ص: 26 ] تخرج إلى الحج إلا معك ; ولا نهاها عن الحج أصلا ، بل ألزم الزوج ترك نذره في الجهاد وألزمه الحج معها ; فالفرض في ذلك على الزوج لا عليها . عن
وأما حديث عكرمة فمرسل كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا إسماعيل بن إسحاق البصري نا عيسى بن خبيب قاضي أشونة قال : نا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري نا جدي محمد بن عبد الله بن يزيد نا عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن عكرمة قال : { } . قدم رجل من سفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلت على فلانة فأغلقت عليها بابك - مرتين
فهذا هو - حديث عمرو بن دينار عن عكرمة اختلط على فلم يدر أحدثه به ابن جريج عمرو بن دينار عن عكرمة أم حدثه به عمرو عن أبي معبد عن وأدخل فيه ذكر الحج بالشك ; ولا تثبت الحجة بخبر مشكوك في إسناده أو في إرساله - وبالله تعالى التوفيق . ابن عباس
وأما قولنا : إن له فلأن طاعته فرض عليها فيما لا معصية لله تعالى فيه ، وليس في ترك الحج التطوع معصية ؟ منعها من حج التطوع