252 - مسألة :
، ثم تنقسم الأرض إلى قسمين : تراب وغير تراب ، فأما ولا يجوز التيمم إلا بالأرض ، كان في موضعه من الأرض أو منزوعا مجعولا في إناء أو في ثوب أو على يد إنسان أو حيوان ، أو نفض غبار من كل ذلك ، فاجتمع منه ما يوضع عليه الكف ، أو كان في بناء لبن أو طابية أو غير ذلك ، وأما ما عدا التراب من الحصى أو الحصباء أو الصحراء أو الرضراض أو الهضاب أو الصفا أو الرخام أو الرمل أو معدن كحل أو معدن زرنيخ أو جيار أو جص أو معدن ذهب أو توتياء أو كبريت أو لازورد أو معدن ملح أو غير ذلك . التراب فالتيمم به جائز
فإن كان في الأرض غير مزال عنها إلى شيء آخر فالتيمم بكل ذلك جائز ، وإن كان شيء من ذلك مزال إلى إناء أو إلى ثوب ونحو ذلك لم يجز التيمم بشيء منه ، ولا يجوز ، فإن رض حتى يقع عليه اسم تراب جاز التيمم به ، وكذلك التيمم بالآجر ، فإن جف حتى يسمى ترابا جاز التيمم به ، ولا يجوز الطين لا يجوز التيمم به كان في موضعه أو لم يكن ، ولا بثلج ولا بورق ولا بحشيش ولا بخشب ولا بغير ذلك مما يحول بين المتيمم وبين الأرض . التيمم بملح انعقد من الماء
برهان ذلك قول الله تعالى : { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم [ ص: 378 ] منه } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء } وقال عليه السلام : { } وقد ذكرنا كل ذلك بإسناده قبل فأغنى عن إعادته ، فصح أنه لا يجوز التيمم إلا بما نص عليه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأت النص إلا بما ذكرنا من الصعيد ، وهو وجه الأرض في اللغة التي بها نزل القرآن وبالأرض - وهي معروفة - وبالتراب فقط فوجدنا التراب سواء كان منزوعا عن الأرض ، محمولا في ثوب أو في إناء أو على وجه إنسان أو عرق فرس أو لبد أو كان لبنا أو طابية أو رضاض آجر أو غير ذلك فإنه تراب لا يسقط عنه هذا الاسم ، فكان التيمم به على كل حال جائزا ، ووجدنا الآجر والطين قد سقط عنهما اسم تراب واسم أرض واسم صعيد فلم يجز التيمم به ، فإذا رض أو جفف عاد عليه اسم تراب فجاز التيمم به ، ووجدنا سائر ما ذكرنا من الصخر ومن الرمل ، ومن المعادن ما دامت في الأرض ، فإن اسم الصعيد واسم الأرض يقع على كل ذلك ، فكان التيمم بكل ذلك جائزا ، ووجدنا كل ذلك إذا أزيل عن الأرض سقط عنه اسم الأرض واسم الصعيد ولم يسم ترابا ، فلم يجز التيمم بشيء من ذلك ، ووجدنا الملح المنعقد من الماء ، والثلج والحشيش والورق لا يسمى شيئا من ذلك صعيدا ولا أرضا ولا ترابا ، فلم يجز التيمم به . جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
وهذا هو الذي لا يجوز غيره ، وفي هذا خلاف من ذلك أن قال : إن وضع التراب في ثوب لم يجز التيمم به ، وهذا تفريق لا دليل عليه ، وقال الحسن بن زياد : يتيمم على الثلج ، وروي أيضا ذلك عن مالك ، وهذا خطأ ; لأنه لم يأت به نص ولا إجماع . فإن قيل : ما حال بينك وبين الأرض فهو أرض . أبي حنيفة
قيل لهم فإن حال بينه وبين الأرض قتلى أو غنم أو ثياب أو خشب أيكون ذلك من الأرض فيتيمم عليه ؟ وهم لا يقولون بذلك . وقولهم : إن ما حال بينك وبين الأرض فهو أرض أو من الأرض - فقول فاسد لم يوجبه قرآن ولا سنة ولا لغة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس " .
قال : علي ، لأنه ليس شيء من ذلك يسمى ماء ولا ترابا ولا أرضا ولا صعيدا ، فإذا والثلج والطين والملح لا يتوضأ بشيء منها ولا يتيمم ، لأنهما ماء ، ذاب الملح والثلج فصارا ماء جاز الوضوء بهما لأنه تراب . وإذا جف الطين جاز التيمم به
وقال الشافعي : لا يتيمم إلا بالتراب خاصة ، لا بشيء غير ذلك ، [ ص: 379 ] فادعوا أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وأبو يوسف } بيان لمراد الله تعالى بالصعيد ، ولمراده عليه السلام بقوله { وجعلت تربتها لنا طهورا } . جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
قال : وهذا خطأ ; لأنه دعوى بلا برهان ، وما كان هكذا فهو باطل . علي
قال عز وجل : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } بل كل ما قال عز وجل ورسوله عليه السلام فهو حق ، فقال الله عز وجل : { صعيدا طيبا } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } وقال عليه السلام : { الأرض مسجد وطهور } فكل ذلك حق ، وكل ذلك مأخوذ به وكل ذلك لا يحل ترك شيء منه لشيء آخر فالتراب كله طهور والأرض كلها طهور والصعيد كله طهور ، والآية وحديث الأرض مسجد وتربتها طهور في عموم الأرض زائد حكما على حديث جابر في الاقتصار على التربة ، فالأخذ بالزائد واجب ، ولا يمنع ذلك من الأخذ بحديث حذيفة ، وفي الاقتصار على ما في حديث حذيفة مخالفة للقرآن ولما في حديث حذيفة ، وهذا لا يحل ، وبالله تعالى التوفيق . جابر
وقال : الصعيد كله يتيمم به ، كالتراب والطين والزرنيخ والجير والكحل والمرادسنج وكل تراب نفض من وسادة أو فراش أو من حنطة أو شعير : فالتيمم به جائز وكذلك قال أبو حنيفة : إن كان في ثوبك أو سرجك أو بردعتك تراب أو على شجر فتيمم به ، وهذا قولنا . وبالله تعالى التوفيق . سفيان الثوري