2164 - مسألة : قال رحمه الله : ولو أبو محمد دوفعا ، فإن أدى ذلك إلى قتلهما في حال المقاتلة فهما هدر ; لأن فرضا على كل من أراده مريد بغير حق أن يدفع عن نفسه الضر كيف أمكنه - ولا دية في ذلك ، ولا قود . كان في الباغين غلام لم يبلغ أو امرأة فقاتلا
قال الله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } .
قال رحمه الله : ولو أن أبو محمد ؟ فإن لم يكن ذلك مكيدة ، فعليه أن ينظرهم مدة يمكن في مثلها النظر فقط - وهذا مقدار الدعاء ، وبيان الحجة فقط ، وأما ما زاد على ذلك فلا يجوز ; لقول الله تعالى { أهل البغي سألوا النظرة حتى ينظروا في أمورهم وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } فلم يفسح الله تعالى في ترك قتالهم إلا مدة الإصلاح ، فمن أبى قوتل .
وأيضا - فإن فرضا على الإمام إنفاذ الحقوق عليهم وتأمين الناس من جميعهم ، وأن يأخذوهم بالافتراق إلى مصالح دينهم ودنياهم .
ومن قال غير هذا سألناه : ماذا يقول ، إن استنظروه يوما أو يومين أو ثلاثة ، وهكذا نزيده ساعة ساعة ، ويوما يوما حتى يبلغ ذلك إلى انقضاء أعمارهم ، وفي هذا إهلاك الدين والدنيا والاشتغال بالتحفظ عنهم ، كما هو فرض عليه النظر فيه ، فإن حد في ذلك حدا من ثلاثة أيام أو غير ذلك كلف أن يأتي بالدليل على ذلك من القرآن أو من تحديد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولا سبيل له إليه .
[ ص: 360 ] فإن ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قاضى قريشا على أن يقيم بمكة ثلاثا وجعل أجل المصراة ثلاثا ، وخيار المخدوع في البيع ثلاثا ، وأن الله تعالى أجل ثمود ثلاثة أيام ؟ قلنا لهم : نعم ، هذا حق ، وقد جعل الله تعالى أجل المولي أربعة أشهر ، وأجل المتوفى عنها زوجها في العدة أربعة أشهر وعشرا فما الذي جعل بعض هذه الأعذار أولى من بعض ، فكان ما حكم الله تعالى به ، فهو الحق ، وكان ما أراده مريد أن يزيده في حكم الله تعالى برأيه وقياسه فهو الباطل - وبالله تعالى التوفيق .