2148 - مسألة : هل يعقل عن الحليف ؟ وعن المولى من أسفل ؟ أو من فوق ؟ وعن العبد أم لا ؟ وهل يعقل عمن أسلم عن يديه أم لا ؟ وهل ينتقل الولاء بالعقل أم لا ؟ قال رحمه الله : قال قوم : أبو محمد مواليه من فوق : كما نا يعقل عن المولى المعتق محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع عن سفيان الثوري عن [ ص: 279 ] حماد بن أبي سليمان إبراهيم ، قال : اختصم ، علي ، في موال والزبير لصفية ؟ فقضى بأن الميراث عمر بن الخطاب ، والعقل على للزبير . علي
وعن في رجل أعتقه قوم ، وأعتق أباه آخرون ؟ قال : يتوارثون بالأرحام ، والعقل على الموالي . إبراهيم النخعي
وعن أنه كتب إلى أبي موسى أن رجلا يموت قبلنا ، وليس له رحم ولا ولي ؟ فكتب إليه عمر بن الخطاب : إن ترك ذا رحم ، فالرحم ، وإلا فالولاء ، وإلا فبيت المال يرثونه ويعقلون عنه . عمر
وعن قال : إن رجلا أتى مجاهد فقال : إن رجلا أسلم على يدي فمات وترك ألف درهم ، فتحرجت منها فرفعتها إليك ؟ فقال : أرأيت لو جنى جناية على من كانت تكون ؟ قال علي ؟ قال : فميراثه لك . عمر بن الخطاب
وعن عن معمر الزهري ، قال : قال : إذا والى الرجل رجلا فله ميراثه ، وعلى عاقلته عقله . عمر بن الخطاب
ومن طريق عن عبد الرزاق قال : قلت ابن جريج : أبى القوم أن يعقلوا عن مولاهم ، أيكون مولى من عقل عنه ؟ فقال : قال لعطاء : إما أن يعقلوا عنه ، وإما أن نعقل عنه ، وهو مولانا ، قال معاوية فإن أبى أهله أن يعقلوا عنه ، وأبى الناس ، فهو مولى المصاب . عطاء
وعن عن عبد الرزاق ، قال : إذا سفيان الثوري أجبروا على ذلك . أبت العاقلة أن يعقلوا عن مولاهم
وعن : إذا أسلم الرجل على يدي الرجل فله ميراثه ويعقل عنه وعن إبراهيم النخعي الحكم بن عتيبة في رجل تولى قوما قال : إذا عقل عنهم فهو منهم ؟ قال رحمه الله : وقالت طائفة : غير هذا - كما روينا من طريق أبو محمد الحجاج بن المنهال نا عن حماد بن سلمة حميد أن مولى لبني جشم قتل رجلا خطأ فسأل عدي بن أرطاة الحسن البصري عن ذلك ؟ فقال : لا تعقل العرب عن الموالي .
وقال ، أبو حنيفة : تعقل العاقلة عن المولى والحليف [ ص: 280 ] وقال ومالك : من والى غير من أعتقه لكن من أسلم على أيديهم فله أن ينتقل عنهم ويوالي غيرهم ما لم يعقلوا عنه ، فإذا عقلوا عنه فلا يمكنه الانتقال عنهم بولاية أبدا . أبو حنيفة
وقال وأصحابنا : لا تعقل العاقلة عن الموالي من أسفل ، ولا عن المولى من فوق ، ولا عن الحليف ، ولا عن العبد . أبو سليمان
فلما اختلفوا وجب أن نخلص أقوالهم ثم نذكر كل ما احتجت به كل طائفة لقولها ; ليظهر الحق من ذلك فنتبعه بعون الله تعالى ومنه : فكان الحاصل - من قول - رضي الله عنه - أن الموالي من فوق يعقلون عن الموالي الذين أعتقوه ، أو أعتقه من هو منهم ، وأن ذوي الرحم أولى بالميراث من الموالي الذين أعتقوه ، ثم المعتقون ، ثم المسلمون . عمر بن الخطاب
وظاهر هذا : أن كل من ذكرنا يعقل عنه ، وأن . من أسلم على يد إنسان فولاؤه له يرثه ويعقل عنه
وصح من قول أن الموالي من فوق يعقلون عمن أعتقوه ، فإن أبوا عقل عنهم الإمام وزال ولاؤه عن الذين أعتقوه إلى الذي عقل عنه - وهذا صحيح عن معاوية ثابت ; لأن معاوية أدركه . عطاء بن أبي رباح
وصح عن : أن المعتقين يعقلون عن مولاهم الذي أعتقوه ، وعمن أسلم على يدي رجل منهم - وصح عن إبراهيم النخعي الحسن : أنه لا يعقل المعتقون عمن أعتقوا ؟ قال رحمه الله : فوجب أن ننظر في طلب البرهان فيما اختلفوا فيه من ذلك مما أوجب الله تعالى علينا - وهو القرآن والسنة - فوجدنا من يقول : إن المعتقين يعقلون عمن أعتقوه يقولون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو محمد } . مولى القوم منهم
وقال عليه السلام { } . كل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة
كما روينا من طريق نا مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة عبد الله بن نمير ، عن وأبو أسامة زكريا عن عن أبيه عن سعد بن إبراهيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { جبير بن مطعم } . لا [ ص: 281 ] حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة
ومن طريق ني مسلم زهير بن حرب نا نا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية - عن أيوب السختياني عن أبي قلابة أبي المهلب عن قال : { عمران بن الحصين ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء ، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق فقال : يا محمد ؟ فأتاه فقال : ما شأنك ؟ فقال : بم أخذتني وأخذت سابقة الحاج ؟ قال : إعظاما لذلك أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ، ثم انصرف ، فناداه : يا محمد ، يا محمد - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا - فرجع إليه فقال : ما شأنك ؟ فقال : إني مسلم ، قال : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح } وذكر باقي الحديث - قالوا : فإذا كان المولى من القوم ، والحليف من القوم - وهم مأخوذون بجريرته - فالعقل عليه . كانت
قال رحمه الله : وهذه الأخبار في غاية الصحة ، إلا أنهم لا حجة لهم في شيء منها : أما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو محمد } فحق لا شك فيه ، وليس كونه منهم موجبا أن يعقلوا عنه ; لأنه صلى الله عليه وسلم قد قال أيضا { مولى القوم منهم } ولم يكن ذلك موجبا عندهم أن يعقلوا عنه : كما روينا من طريق ابن أخت القوم منهم نا مسلم نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر - هو غندر - قال : سمعت شعبة يحدث عن قتادة قال : { أنس بن مالك الأنصار وقال : أفيكم أحد من غيركم ؟ قالوا : لا ، إلا ابن أخت لنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ابن أخت القوم منهم } وذكر الحديث . جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبطل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم { } أن يكون موجبا لأن يعقل عنهم ، أو يعقلوا عنه إذ لا يقتضي قوله عليه السلام { مولى القوم منهم } أن يعقلوا عنه . مولى القوم منهم
وأما حديث - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمران بن الحصين { للعقيلي ثقيف } فلا حجة لهم فيه أصلا لوجوه - : أحدها - أنه صلى الله عليه وسلم لم يأخذ منه - إذ أخذه مسلما حرام أخذه - لولا جريرة حلفائه ، بل أخذ كافرا حلالا أخذه ، ودمه ، وماله على كل حال ، إلا أنه تأكد أمره من أجل جريرة حلفائه فقط - ولسنا في هذه المسألة - إنما نحن في مسلمين حرام دماؤهم وأموالهم ، هل يؤخذون بجريرة حلفائهم أم لا ؟ . أخذتك [ ص: 282 ] بجريرة حلفائك من
وثانيها : أن مثل تلك الجريرة لا يختلف اثنان من أهل الإسلام في أنه لا يحل أن يؤخذ بها مسلم عن مسلم ولو أن . حلفاء الإنسان أو إخوانه أو أباه أو ولده : يأسر رجلا من المسلمين ، أو يقطع الطريق : لم يحل لأحد أن يأخذ حليفه ، ولا أخاه ، ولا ابنه ، ولا أباه عنه
وثالثها : أن هذا قياس والقياس كله باطل ; لأنه قياس الشيء على ضده ، وقياس مؤمن على كافر ، وجناية قتل خطأ على أسر كفار لمؤمن - وهذا تخليط ممن موه بهذا الخبر فحرفه عن موضعه .
وأما حديث - : { جبير بن مطعم } فلا متعلق لهم به ; لأننا لم نخالفهم في بقاء حلف الجاهلية وإبطال الحلف في الإسلام فيحتجوا علينا بهذا الخبر ، وإنما الكلام هل يعقل الحلفاء بعضهم عن بعض أم لا ؟ وليس في هذا الخبر شيء من هذا المعنى وما معنى بقاء الحلف إذا قلنا : معناه ظاهر ، وهو أن يكونوا معهم كأنهم منهم ، فإذا غزوا غزوا معهم ، وإذا كانت لهم حاجة تكلموا فيها كما يتكلم الأهل ، وما أشبه ذلك - وأما إيجاب غرامة فلا . لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة
وقد روينا من طريق نا مسلم نا أبو جعفر بن محمد بن الصباح نا حفص بن غياث عاصم الأحول قال : قيل : بلغنا { لأنس بن مالك قريش والأنصار في داره } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين
وفي حديث آخر عن لمسلم : { أنس بالمدينة } ؟ قال في داره رحمه الله : فهذا أعظم حجة في إبطال أن علي ; لأن { يعقل الحليف عن حليفه قريش والأنصار } ، ولا حلف أقوى وأشد من حلف عقده [ ص: 283 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو عقل الحلفاء عن الحليف لوجب أن تعقل رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين قريش عن الأنصار ، والأنصار عن قريش - وهذا ما لا يقولونه ؟ قال رحمه الله : فواجب أن نطلب معرفة الوقت الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلف في الإسلام - : فذكر عن أبو محمد من طريق عمر بن الخطاب عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : إن كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود ، وكل حلف كان بعد الحديبية فهو منقوض ; لأن { قريشا يوم الحديبية كتب - عليه السلام - حينئذ بينه وبينهم : أنه من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها دخل ، ومن أحب أن يدخل في عهد محمد صلى الله عليه وسلم وعقده دخل } . رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وادع
وقضى : أن كل حلف كان قبل الهجرة فهو جاهلي ثابت ، وكل حلف كان بعد الهجرة فهو في الإسلام ، وهو مفسوخ ، قضى بذلك في قوم من عثمان بني بهز من بني سليم . وقضى : أن كل حلف كان قبل نزول { علي بن أبي طالب لإيلاف قريش } فهو جاهلي ثابت وكل حلف كان بعد نزولها فهو إسلامي مفسوخ ; لأن من حالف ليدخل في قريش بعد نزول { لإيلاف قريش } ممن لم يكن منهم لم يكن بذلك داخلا فيهم ، قضى في ذلك في حلف ربيعة العقيلي ، في جعفي ، وهو جد إسحاق بن مسلم العقيلي ; وقال : كل حلف كان قبل نزول { ابن عباس ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون } إلى قوله { فآتوهم نصيبهم } فهو مشدود ، وكل حلف كان بعد نزولها فهو مفسوخ ، فوجب أن ننظر في الصحيح من ذلك - : فأما قول - رضي الله عنه - إن حد انقطاع الحلف إنما هو أول وقت الهجرة ، فلا يصح ; لأن عثمان روى - كما ذكرنا - أن { أنسا قريش والأنصار بالمدينة } ، ولا يشك أحد في أن هذا الحلف كان بعد الهجرة . رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين
وأما قول - رضي الله عنه - في تحديده انقطاع الحلف بيوم عمر الحديبية فهذا [ ص: 284 ] أيضا متوقف ; لأن حلف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار كان بعد الهجرة ، ولا ندري أقبل الحديبية أم بعدها .
فأما نزول { لإيلاف قريش } والآية الأخرى فما ندري متى نزلتا ؟ لأن - راوي { جبير بن مطعم } لم يسلم إلا يوم الفتح ، فلا يحمل هذا الخبر إلا على يوم الفتح ، والله أعلم - فبطل تعلقهم بهذه الأخبار جملة . كل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة
قال رحمه الله : فوجب علينا أن نطلب حكم هذه المسائل من غير هذه الأخبار ، فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى بالدية على العصبة - هكذا جاء النص - في خبر دية القاتلة ، فوجب أن تكون الدية على العصبة ، أبو محمد ؟ فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم بميراث القاتلة لبنيها وزوجها وحكم بالدية على عصبتها - فبطل أن تكون الورثة هم العصبة ؟ بخلاف ما قال ومن هم العصبة الشعبي ، قال : العقل على من له الميراث ، فإذ ذلك كذلك فلعل محتجا يحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر
فيقول : إن هذا حكم المولى من فوق ؟ فيقال له : نعم ، هذا صحيح ، وهذا حكم المواريث لا حكم العاقلة ; لأنه قد ترث بالولاء المرأة إذا أعتقت مولى لها وليست المرأة من العصبة ؟ .