2144 - مسألة : قال هل تحمل العاقلة الصلح في العمد ، أو الاعتراف بقتل الخطأ ؟ أو العبد المقتول في الخطأ ؟ رحمه الله : اختلف الناس في هذا : [ ص: 265 ] كما نا أبو محمد محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا نا قاسم بن أصبغ : نا ابن وضاح ، نا موسى بن معاوية ، نا وكيع عبد الملك بن حسين أبو مالك : عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن ، قال : العمد ، والعبد ، والصلح ، والاعتراف في مال الجاني لا تحمله العاقلة . عمر بن الخطاب
وعن الشعبي - قال : اصطلح المسلمون على أن لا يعقلوا عمدا ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا .
وعن قال : لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ، ولا صلحا ولا اعترافا - وعن إبراهيم النخعي : إلا أن يشاءوا . عمر بن عبد العزيز
وعن عن أبي حنيفة حماد عن قال : لا تعقل العاقلة العمد ولا الصلح ، ولا الاعتراف ، ولا العبد . إبراهيم النخعي
وعن ابن شهاب قال : مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من العمد إلا أن تعينه عن طيب نفس - قال : وحدثني مالك يحيى بن سعيد مثل ذلك .
وعن عن مالك عن أبيه قال : ليس على العاقلة عقل من قبل العمد إلا أن يشاءوا ذلك ، إنما عليهم عقل الخطأ . هشام بن عروة
وقال ، أبو حنيفة ، والشافعي ، وابن شبرمة ، وسفيان الثوري والأوزاعي ، ومالك ، وأصحابهم : لا تحمل العاقلة شيئا من هذا كله . وأبو سليمان
وقالت طائفة : لا تحمل العاقلة شيئا من هذا كله ولكن تعينه ; لما روي أن قال : ليس لهم أن يخذلوه عن شيء أصابه في الصلح - وعن عمر بن الخطاب الزهري : وعليهم أن يعينوه .
وقالت طائفة غير هذا لما روي عن قال : سألت شعبة الحكم بن عتيبة عن رجل حر استقبل مملوكا فتصادفا فماتا جميعا ؟ فقالا جميعا : دية العبد على عاقلة الحر وليس على العبد شيء . وحماد بن أبي سليمان
[ ص: 266 ] وروي عن قال : إن قتل رجل عبدا خطأ فهو على عاقلته ، وإن قتل دابة خطأ فهو على عاقلته . عطاء
وعن أخبرني ابن جريج محمد بن نصر ، والصلت : أن رجلا بالبصرة رمى إنسانا ظن أنه كلب فقتله ، فإذا هو إنسان ؟ فلم يدر الناس من قاتله ، فجاء فأخبره : أنه قتله فسجنه ، وكتب فيه إلى عدي بن أرطاة فكتب إليه : إنك بئس ما صنعت إذ سجنته وقد جاء من قبل نفسه ، فخل سبيله واجعل ديته على العشيرة . عمر بن عبد العزيز
وزعم الصلت : أنه من الأزد - القاتل والمقتول - وأن القاتل كان عاسا يعس .
وقال الزهري : العبد تحمل قيمته العاقلة .
قال رحمه الله : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر فيما احتجت به كل طائفة لنعلم الحق فنتبعه : فنظرنا فيما احتج به من قال : لا تحمل العاقلة عمدا ، ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا ؟ فوجدناهم يقولون : إن هذا قول روي عن أبو محمد ، عمر - رضي الله عنهما - ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة - وهذا لا حجة لهم فيه ، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . وابن عباس
ثم نظرنا فيما احتج به أهل القول الثاني : فوجدناهم يذكرون ما روي عن الزهري ، قال : بلغني أن { قريش والأنصار : لا تتركوا مفرجا أن تعينوه في فكاك أو عقل } والمفرج : كل ما لا تحمله العاقلة - وهذا مرسل يوجب أن تعين العاقلة فيما لم تحمل جميعه - وقد روي أيضا من النبي صلى الله عليه وسلم قال في الكتاب الذي كتبه بين كما ذكرنا . عمر
وأما نحن فلا حجة عندنا في مرسل ، فلما لم يكن فيما احتجوا به حجة وجب أن ننظر فيما اختلفوا فيه من ذلك ، فبدأنا بالعمد ما ألزم فيه دية ، أو صولح فيه ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول { } فلم يجز أن نكلف عاقلة غرامة حيث لم يوجبها الله تعالى ولا رسوله عليه السلام ، ولم يوجبها قط نص ثابت في العمد ، فوجب أن لا تحمل العاقلة العمد ، ولا الصلح في العمد . : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
[ ص: 267 ] ثم نظرنا في ، فوجدنا الله تعالى يقول { الاعتراف بقتل الخطأ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } .
ووجدنا المقر بقتل الخطأ ليس مقرا على نفسه ; لأن الدية فيما أقر به على العاقلة ، لا عليه ، فإذ ليس مقرا على نفسه فواجب أن لا يصدق عليهم ، إلا أننا نقول : إنه إن كان عدلا حلف أولياء القتيل معه واستحقوا الدية على العاقلة ، فإن نكلوا فلا شيء لهم .
فلو وجبت الدية على عواقلهما بلا يمين ، لأنهما شاهدا عدل على العاقلة . أقر اثنان عدلان بقتل خطأ
وقد اختلف [ الناس ] في هذا : فقال : أبو حنيفة ، والشافعي والأوزاعي ، : الدية على المقر في ماله . والثوري
وقال : لا شيء عليه ، قال : وإن لم يتهم بمن أقر له أقسم أولياء المقتول ، ووجبت الدية على العاقلة . مالك
ثم نظرنا في ، هل تحمل قيمته العاقلة أم لا ؟ فوجدنا من لم تحمله العاقلة لا حجة لهم إلا ما ذكرنا من أنه روي ذلك عن العبد يقتل خطأ . عمر
وعن - وهو قول لم يصح عن ابن عباس كما ذكرنا ، لأنه عن عمر الشعبي عن ولم يولد عمر الشعبي إلا بعد موت رضي الله عنه بسنين ولا نعلمه أيضا يصح عن عمر وقد ذكرنا قضايا عظيمة عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - خالفوها ، قد ذكرناها في غير موضع ، فالواجب الرجوع إلى ما أوجب الله تعالى عند التنازع ، إذ يقول تعالى { ابن عباس فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } الآية ، ففعلنا .
فوجدنا ما ناه عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا القاسم بن زكريا نا نا سعيد بن عمرو حماد بن زيد عن عن أيوب السختياني عكرمة عن : { ابن عباس } . أن مكاتبا قتل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عليه السلام أن يودى ما أدى دية الحر ، وما لا دية المملوك
[ ص: 268 ] وقد روي عن قال : إن يحيى بن أبي كثير ، علي بن أبي طالب كانا يقولان في المكاتب أنه يودى منه دية الحر بقدر ما أدى ، وما رق منه دية العبد . ومروان
فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحجة في الدين سمى ما يودى في قتل العبد " دية " وسماه أيضا - وهو حجة - في اللغة " دية " . علي بن أبي طالب
وقد صح عن النبي عليه السلام أن الدية في النفس في الخطأ على العاقلة - وصح الإجماع على أن في قتل العبد المؤمن خطأ : كفارة بعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد رقبة - فصح بالنص ، والإجماع : أن ما يودى في العبد دية ، والدية على العاقلة - وبهذا نقول .
وأما الدية وسائر الأموال فلا ; لأنه لا يسمى شيء من ذلك " دية " والأموال محظورة إلا بنص ، أو إجماع - وبالله تعالى التوفيق .