1934 - مسألة : ومن ، أو ما قال من ذلك ، فهو كله باطل وكذب ، ولا تكون بذلك عليه حراما ، وهي امرأته كما كانت - نوى بذلك طلاقا أو لم ينو . قال لامرأته : أنت علي حرام ، أو زاد على ذلك فقال : كالميتة ، والدم ، ولحم الخنزير
وقد اختلف الناس في هذا ، فقال ، علي ، وزيد بن ثابت : هي بذلك القول طالق ثلاثا - وهو قول وابن عمر الحسن ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى - وروي عن الحكم بن عتيبة .
وقول آخر - أنها بذلك حرام عليه - ولم يذكروا طلاقا ، صح هذا عن ، وعن رجال لم يسموا من الصحابة - رضي الله عنهم - وعن علي بن أبي طالب - وصح عن أبي هريرة الحسن ، ، وخلاس بن عمرو ، وجابر بن زيد : أنهم أمروه باجتنابها فقط . وقتادة
وقول ثالث - روي عن : إن كان نوى في التحريم الطلاق وإلا فهو يمين - وهو قول ابن مسعود الحسن ، ، وطاوس ، والشافعي والزهري .
وقول رابع - رويناه عن قال : كان أصحابنا يقولون في الحرام : إن نوى ثلاثا فهي ثلاث ، وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة - وهو قول إبراهيم سفيان ، إلا أنه قال : وإن نوى يمينا فهي يمين ، وإن لم ينو شيئا فهي كذب لا شيء فيها .
وقول خامس - عن : إن نوى واحدة أو لم ينو شيئا فهي واحدة بائنة ، وإن نوى ثلاثا فثلاث - وقد روينا من طريق إبراهيم عن وكيع الحسن بن حي عن المغيرة عن : وإن نوى اثنتين فهي اثنتان . إبراهيم
وقول سادس - هو طلقة واحدة : رويناه عن - وبه يقول عمر . حماد بن أبي سليمان
[ ص: 303 ] وقول سابع - وهو أنه ظهار ، فيه كفارة الظهار - صح ذلك عن من طريق ابن عباس عن عبد الرحمن بن مهدي سفيان الثوري عن عن منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير قال في الحرام ، والنذر : عتق رقبة ; أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا . ابن عباس
ومن طريق عن محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير في الرجل إذا قال : حرام علي أن آكل ، أو قال : هذا الطعام علي حرام ؟ قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا - وهو قول ابن عباس ، أبي قلابة ، وسعيد بن جبير - وهو قول ووهب بن منبه ، عثمان البتي . وأحمد بن حنبل
وقول ثامن - وهو أن التحريم يمين فيه كفارة يمين .
ثم اختلف هؤلاء : فقالت طائفة منهم : هي يمين مغلظة ليس فيها إلا عتق رقبة - روينا ذلك عن . ابن عباس
وقال آخرون : هي يمين فقط ، كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن يحيى بن أبي كثير ، معمر ، كلاهما عن وأيوب السختياني عكرمة أن قال : هي يمين يعني التحريم . عمر بن الخطاب
ومن طريق القاضي نا إسماعيل بن إسحاق المقدمي نا عن حماد بن زيد عن صخر بن جويرية عن نافع قال : الحرام يمين - : نا ابن عمر عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية القرشي نا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي نا أبو الوليد الطيالسي نا عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عبد الله بن هبيرة عن قبيصة بن ذؤيب قال : سألت زيد بن ثابت عمن قال لامرأته : أنت علي حرام ؟ فقالا جميعا كفارة يمين . وابن عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة ابن أبي نجيح عن أن مجاهد قال في التحريم : هي يمين يكفرها . ابن مسعود
ومن طريق نا مسلم زهير بن حرب نا عن إسماعيل بن إبراهيم قال : كتب إلي هشام الدستوائي يحدث عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير قال : الحرام يمين يكفرها . [ ص: 304 ] وروي أيضا ذلك عن ابن عباس . أبي بكر الصديق
وعائشة أم المؤمنين - وهو قول عكرمة ، روينا ذلك من طريق وعطاء عن عبد الرزاق قلت ابن جريج : من قال لامرأته : أنت علي حرام ؟ قال : يمين قال لعطاء فقلت له : وإن كان أراد الطلاق ؟ قال : قد علم مكان الطلاق ، قال ابن جريج : ولو قال : أنت علي كالدم ، أو كلحم الخنزير ؟ قال عطاء : هو كقوله : أنت علي حرام ، وهو قول عطاء ، مكحول ، كقول وقتادة في كل ما ذكرناه عطاء
ومن طريق عن قتادة الحسن أنه قال : كل حلال علي حرام ، فهي يمين - وبهذا كان يفتي - وهو قول قتادة الشعبي .
ومن طريق عن وكيع سفيان الثوري ، عن ، عن داود بن أبي هند قال : الحرام يمين يكفرها - وهو قول سعيد بن المسيب ، سليمان بن يسار ، وجابر بن زيد . وسعيد بن جبير
ومن طريق الحجاج بن المنهال نا قال : سألت جرير بن حازم عن الحرام أطلاق هو ؟ قال : لا ، أوليس قد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته فأمره الله عز وجل أن يكفر يمينه ولم يحرمها عليه . نافعا مولى ابن عمر
وروي عن أيضا فهو قول طاوس الأوزاعي ، . وأبي ثور
وروينا عن الحسن أنه قال : هو في غير الزوجة يمين .
وقول تاسع - وهو التوقف ، كما روينا من طريق نا يحيى بن سعيد القطان عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي قال : يقول رجال في الحرام : هي حرام حتى تنكح زوجا غيره ، ولا والله ما قال ذلك علي ، إنما قال : ما أنا بمحلها ولا بمحرمها عليك ، إن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر . وقول عاشر - عن علي فإنه قال : إذا أبي حنيفة ، فإن نوى طلقة واحدة ، أو طلقتين ، أو طلاقا دون عدد ، فهو في كل ذلك طلقة واحدة بائنة ، لا أكثر ، فإن نوى ثلاثا فهي ثلاث ، فإن نوى يمينا فهي يمين فيه كفارة يمين ، فإن لم ينو شيئا فهو إيلاء فيه حكم الإيلاء ، فإن نوى الكذب صدق في الفتيا ، ولم يكن شيئا ، [ ص: 305 ] ولا ينوي في القضاء ، بل يكون إيلاء ولا بد ، ولا يكون ذلك ظهارا أصلا ، سواء نواه وقال ذلك ، أو لم ينوه ولا قاله . وقول حادي عشر - قاله قال لامرأته : أنت علي حرام ، وهو أنه من قال لامرأته : أنت علي حرام ، فإن كان مدخولا بها فهي ثلاث طلقات لا ينوي في ذلك ، فإن كانت غير مدخول بها فإنه ينوي ، فإن قال نويت واحدة فهي واحدة ، وإن قال : نويت اثنتين فهي اثنتان ، وإن قال : نويت ثلاثا فهي ثلاث - قال : فإن قال ذلك لغير امرأته فليس بشيء ، سواء قال ذلك لأمته ، أو لطعام - قال : فلو مالك : لم يحرم عليه بذلك شيء إلا زوجته فقط ، فإن قال : استثنيت نسائي ، أو امرأتي في نفسي ، صدق في ذلك . وقول ثاني عشر - ليس التحريم بشيء ، لا في الزوجة ولا في غيرها ، ولا يقع بذلك طلاق أصلا ، ولا إيلاء ، ولا ظهار ; ولا تحريم ; ولا تجب في ذلك كفارة أصلا . كما روينا من طريق قال : كل حل علي حرام نا البخاري الحسن بن الصباح سمع الربيع بن نافع نا معاوية - هو ابن سلام - عن عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم أنه سمع سعيد بن جبير يقول : إذا حرم امرأته ليس بشيء ، لكم في رسول الله أسوة حسنة . ومن طريق ابن عباس عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي عن قال : ما أبالي حرمت امرأتي أو قصعة من ثريد . ومن طريق مسروق عن عبد الرزاق سفيان الثوري عن صالح بن مسلم عن الشعبي أنه قال في تحريم المرأة : لهي أهون علي من نعلي . ومن طريق عن عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج عن عبد الكريم أنه قال : ما أبالي حرمتها - يعني امرأته - أو حرمت ماء النهر . ومن طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الحجاج بن المنهال نا أنا همام بن يحيى أن رجلا جعل امرأته عليه حراما ، فسأل عن ذلك قتادة ؟ فقال له حميد بن عبد الرحمن الحميري حميد : قال الله عز وجل : { فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب } وأنت رجل تلعب ، فاذهب فالعب . وهو قول ، وجميع أصحابنا . [ ص: 306 ] قال أبي سليمان : أما قول أبو محمد ، مالك ، فما نعلم أحدا قبلهما قال بما قالا من تقسيم ما قسماه ، مع أنه لا يؤيد قولهما قرآن ، ولا سنة صحيحة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، وما يدري أحد وجه التفريق بين تحريم الزوجة ، وبين تحريم الأمة ، وغيرها - والأمة تحرم بالعتق كما تحرم الزوجة بالطلاق ، وكما يحرم المتاع بالصدقة به ، وببيعه ، وقد تحل المطلقة ثلاثا بعد زوج ، فهلا قالوا بتحريمها في الأبد ، كما قالوا في الناكح في العدة يدخل بها ، فكان يكون قد أتم في التحريم . وكذلك لا يعلم أحد وجه التفريق بين تحريم الزوجة التي أحلها الله عز وجل ، وبين تحريم الطعام الذي أحله الله تعالى - وقد سوى بين الأمرين وأبي حنيفة ، وغيره . وأطرف شيء تفريقهم بين المدخول بها وغير المدخول بها ، وحجتهم في ذلك : أن التي لم يدخل بها تبينها الواحدة ؟ فقلنا لهم : والمدخول بها عندكم أيضا تبينها الواحدة البائنة ، فما الفرق ؟ إن هذا لعجب - وكذلك قول عطاء : إن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فهي ثلاث - واحتجوا في ذلك بأن الطلاق البائن لا يرتدف على الطلاق البائن ، ونسوا قولهم : إن الخلع طلاق بائن ، وأنه إن طلقها في عدتها لحقتها طلقة أخرى بائنة ، فاعجبوا لتناقضهم ؟ ، وكذلك قوله : إن نوى إيلاء ; أو لم ينو شيئا فهو إيلاء ، وإن نوى الظهار لم يكن ظهارا ، ليت شعري . من أين خرج هذا الفرق . وكذلك قول أبي حنيفة : إن نوى طلاقا فهو طلاق ، وإن نوى إيلاء لم يكن إيلاء ، وإن نوى ظهارا لم يكن ظهارا - وهذا فرق لا يعرف وجهه . فإن قيل : للظهار ، وللإيلاء ألفاظ لا يكونان إلا بها ؟ . قلنا : وللطلاق لفظ لا يكون إلا به . فإن قالوا : قد يكون الطلاق بغير لفظ الطلاق ؟ قلنا : وقد يكون الظهار عندكم بغير ظهر الأم ، وقد يكون الإيلاء عندكم بغير ذكر الألية - بالله تعالى ولا فرق . [ ص: 307 ] قال الشافعي : وسائر الأقوال الموجبة للطلاق ، ولليمين ، وللظهار ، وللإيلاء : كلها أقوال لم تأت في نص قرآن ، ولا في سنة ، ولا حجة في سواهما ، بل وجدنا الله تعالى يقول : { أبو محمد يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } فأنكر الله تعالى تحريم ما أحله له ، والزوجة مما أحل الله : فتحريمها منكر ، والمنكر مردود ، لا حكم له إلا التوبة والاستغفار . وقال عز وجل : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } فمن قال لامرأته - الحلال له بحكم الله عز وجل هي حرام ، فقد كذب وافترى ، ولا تكون عليه حراما بقوله ، لكن بالوجه الذي حرمها الله تعالى به - صح عن رسول الله أنه قال : { } فتحريم الحلال إحداث حدث ليس في أمر الله عز وجل فوجب أن يرد . ولا فرق بين قول القائل : امرأتي علي حرام ، وبين قوله : امرأة زيد لي حلال . ولا فرق بين من حرم على نفسه لحم الكبش ، وبين من أحل لنفسه لحم الخنزير . فصح أن التحريم باطل ، ولا حكم للباطل إلا إبطاله والتوبة منه وبالله تعالى التوفيق . وكذلك قوله لها : أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير وكل ذلك كذب بل هي حلال كالماء ، ولا تكون حراما بهذا القول وبالله تعالى نتأيد . من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد