1516 مسألة :
ولا يحل البيع على أن تربحني للدينار درهما ، ولا على أني أربح معك فيه كذا وكذا درهما ، فإن وقع فهو مفسوخ أبدا .
فلو تعاقدا البيع دون هذا الشرط ، لكن أخبره البائع بأنه اشترى السلعة بكذا وكذا ، وأنه لا يربح معه فيها إلا كذا وكذا فقد وقع البيع صحيحا ، فإن وجده قد كذب فيما قال لم يضر ذلك البيع شيئا ، ولا رجوع له بشيء أصلا ، إلا من عيب فيه ، أو غبن ظاهر كسائر البيوع ، والكاذب آثم في كذبه فقط .
برهان ذلك : أن البيع على أن تربحني كذا شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل والعقد به باطل وأيضا : فإنه بيع بثمن مجهول ، لأنهما إنما تعاقدا البيع على أنه [ ص: 500 ] يربح معه للدينار درهما ، فإن كان شراؤه دينارا غير ربع كان الشراء بذلك ، والربح درهما غير ربع درهم فهذا بيع الغرر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والبيع بثمن لا يدري مقداره .
فإذا سلم البيع من هذا الشرط فقد وقع صحيحا كما أمر الله تعالى ، وكذبة البائع معصية لله تعالى ليست معقودا عليها البيع ، لكن كزناه لو زنى ، أو شربه لو شرب الخمر ولا فرق .
روينا من طريق نا وكيع عن سفيان الثوري عبد الأعلى عن عن سعيد بن جبير أنه كره بيع " ده دوازده " معناه أربحك للعشرة اثني عشر وهو ابن عباس بيع المرابحة
وروينا عن أنه قال : هو ربا . ابن عباس
ومن طريق ، وكيع ، قالا جميعا : أنا وعبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمار الدهني ابن أبي نعم عن أنه قال : بيع " ده دوازده " ربا . ابن عمر
وقال عكرمة : هو حرام وكرهه الحسن وكرهه وقال : بل أشتريه بكذا أو أبيعه بكذا . مسروق
وروينا عن أنه أجازه إذا لم يأخذ للنفقة ربحا . ابن مسعود
وأجازه ، ابن المسيب ، وقال وشريح : لا بأس " ده دوازده " وتحسب النفقة على الثياب . ابن سيرين
ولمن أجازه تطويل كثير فيمن ابتاع نسيئة ، وباع نقدا ، وفيمن اشترى في نفاق ، وباع في كساد ، وما يحسب كراء الشد والطي ، والصباغ ، والقصارة ، وما أطعم الحرفا ، وأجرة السمسار ، وإذا ادعى غلطا ، وإذا انكشف أنه كذب وكله رأي فاسد .
لكن نقول : من امتحن بالتجارة في بلد لا ابتياع فيه إلا هكذا فليقل : قام علي بكذا ، وبحسب نفقته عليه أو يقول : ابتعته بكذا ، ولا يحسب في ذلك نفقة ، ثم يقول : لكني لا أبيعه على شرائي ، تريد أخذه مني بيعا بكذا وكذا ، وإلا فدع فهذا بيع صحيح لا داخلة فيه .
وقد روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عن جرير هو ابن عبد الحميد أبي سنان عن عبد الله بن الحارث قال { } وهم يقولون : المرسل كالمسند ، وهذا مرسل قد خالفوه ; لأنه لم يرد بيعه ، ولا حط عنه شيئا من الربح . مر رجل بقوم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثوب ، فقال له [ ص: 501 ] بعضهم بكم ابتعته ؟ فأجابه ، ثم قال : كذبت وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع فقال : يا رسول الله ابتعته بكذا وكذا بدون ما كان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تصدق بالفضل