لزمته إجابته ) في الحضور معه إلى مجلس الحكم ( إذا تخاصم اثنان فدعا أحدهما صاحبه إلى مجلس الحكم أي طلب منه إحضاره ( في البلد بما يتبعه الهمة لزمه ) أي الحاكم ( إحضاره ولو لم يحرر الدعوى ) لأن ضرر فوات الحق أعظم من حضور مجلس الحكم وقد حضر ( فإن استعدى الحاكم أحد على خصمه ) عمر عند وأبي وحضر زيد بن ثابت وآخر عند عمر ، وسواء ( علم ) القاضي ( أن بينهما ) أي المستعدي والمستعدى عليه ( معاملة أو لم يعلم ) ذلك . شريح
( وسواء كان المستعدي ممن يعامل المستعدى عليه ، أو لا يعامله كالفقير يدعي على ذي ثروة وهيبة فيبعث معه عونا يحضره أو في كاغد ونحوه فإذا بلغه لزمه الحضور ) إلى مجلس الشرع ليخرج من العهدة وإن شاء ) القاضي ( بعث معه ) أي المستعدى ( قطعة من شمع أو طين مختوما بخاتمه ( فإن امتنع ) المستعدى عليه من الحضور ( أو كسر الختم أعلم الوالي به فأحضره ) ولا يرخص له في تخلفه لئلا يكون وسيلة إلى ضياع الحقوق . ( وإن شاء ) المستعدى عليه ( وكل ) [ ص: 328 ] من يقوم مقامه إن كره الحضور
عزره ) القاضي ( إن رأى ذلك بحسب ما يراه من كلام وكشف رأس وضرب وحبس ) لأن التعزير إلى رأيه ( فإذا حضر ) بعد امتناعه ( وثبت امتناعه ( بعث الحاكم من ينادي على بابه ثلاثا بأنه إن لم يحضر سمر بابه وختم عليه ) لتزول معذرته ( فإن لم يحضر وسأل المدعي أن يسمر عليه منزله ويختمه أجابه إليه ، فإن أصر ) على الامتناع ( حكم عليه كغائب ) عن البلد فوق مسافة القصر ويأتي في الباب بعده ( ولا يعدى حاكم في مثل ما لا تتبعه الهمة ) لما فيه من ضرر الحضور إلى مجلس الحكم بالشيء التافه الذي لا يعادله ( وفي عيون المسائل لا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه خصمه ) بحيث يسمع شكواه ويرد جوابها ( وإن استعداه على القاضي قبله أو على من في معناه كالخليفة والعالم الكبير والشيخ المتبوع وكل من خيف تبذيله ونقص حرمته بإحضاره ) . ( فإن اختفى ) المستعدى عليه
ومن ذلك لو كان بالبلد حاكما فأكثر واستعدى أحدهما على الآخر ( لم يعده حتى يحرر دعواه بأن يعرف ما يدعيه ويسأله عنه صيانة للقاضي ) ومن في معناه ( عن الامتهان أخذها منه على الحاكم راسله ) لأن ذلك طريق إلى استخلاص الحق ( فإن اعترف ) القاضي ومن في معناه ( بذلك أمره بالخروج من العمدة ) لأن الحق توجه عليه باعترافه فإن ذكر ) المستعدي ( أنه يدعي حقا من دين أو غصب أو رشوة لأن ذلك تعين طريقا إلى استخلاص حق المدعي ( وإن أنكر أحضره ) وكان للمدعي بينة ) بدعواه ( أحضره وحكم بالبينة ) . ( وإن ادعى ) المستعدى ( عليه ) أي على القاضي المعزول ( الجور في الحكم
إذا شهدت في وجه القاضي وثبتت عدالتها كسائر الدعاوى ( وإن لم تكن ) للمدعي ( بينة أو قال حكم علي بشهادة فاسقين فأنكر ) القاضي ( فقوله بغير يمين ) لأنه لو لم يقبل قوله في ذلك لتطرق المدعى عليهم إلى إبطال ما عليهم من الحقوق بالقول المذكور وفي ذلك ضرر عظيم واليمين تجب للتهمة والقاضي ليس من أهلها بأن يكون ممن تقبل شهادته له . ( وإن قال حاكم معزول عدل لا يتهم كنت حكمت في ولايتي لفلان على فلان بحق وهو ممن يسوغ الحكم له )
( قبل قوله ) أي الحاكم ( وأمضى ذلك الحق ولو لم يذكر ) الحاكم ( مستنده ) الذي حكم به ( ولو أن العادة تسجيل أحكامه وضبطها بشهود ) لأن عزله لا يمنع من قبول [ ص: 329 ] قوله كما لو كتب كتابا إلى قاض آخر ثم عزل ووصل الكتاب بعد عزله لزم المكتوب إليه قبول كتابه ، ولأنه أخبر بما حكم به وهو غير متهم أشبه حال ولايته ( ما لم يشتمل ) الحكم الذي أخبر به الحاكم بعد عزله .
( على إبطال حكم حاكم فلو لم يقبل ) إخبار الحنبلي بالحكم المذكور قاله حكم ) حاكم ( حنفي برجوع واقف على نفسه فأخبر حنبلي أنه كان حكم قبل حكم الحنفي بصحة الوقف قال القاضي مجد الدين ابن نصر الله وهو تقييد حسن ينبغي اعتماده ، وكذلك قال في المبدع وهو حسن أي غير عملهما ( أو في عمل أحدهما ) دون الآخر ( قبل ) المخبر ( وعمل به ) المخبر بفتح الباء ( إذا بلغ عمله ) كما لو أخبره بحكمه بعد عزله و ( لا ) يقبل المخبر بفتح الباء ، ولا يعمل إذا أخبره بأنه ثبت عنده . ( وإن أخبر حاكم حاكما آخر بحكم أو ثبوت في عملهما أو في غيره )
كذا ولم يحكم به ( مع حضور المخبر ) بكسر الباء ( وهما بعملهما ) لأن ذلك كنقل الشهادة فاعتبر فيه ما يعتبر في الشهادة .
وفي كلام المصنف شيء يزول بما قدرته ولعله سقط من الكاتب ( وكذا إخبار أمير جهاد وأمين صدقة وناظر وقف ) بعد عزله بما صدر منه في حال ولايته فإنه يقبل منه .
قال في الانتصار : كل من صح منه إنشاء أمر صح إقراره به سواء قال قضيت عليه بشاهدين عدلين أو قال سمعت ببينة وعرفت عدالتهم أو قال قضيت عليه بنكوله أو أقر عندي لفلان بحق فحكمت به ) أو قال حكمت ولم يضفه إلى بينة ولا غيرها لأنه يملك الحكم فملك الإقرار به كالزوج إذا أقر بالطلاق والسيد إذا أخبر بالعتق . ( وإن قال ) الحاكم ( في ولايته كنت حكمت لفلان بكذا قبل قوله
( وهي التي تبرز لحوائجها أحضرها ) لعدم العذر ( ولا يعتبر لإحضارها في سفرها هذا ) إن كان ( محرم ) لتعينه عليها ( كسفر الهجرة ) ولأنه حق آدمي وهو مبني على الشح والضيق بالعتق وإن ادعى على امرأة برزة لا تبرز لقضاء حوائجها ( أمرت بالتوكيل ) لأن الوكيل يقوم مقامها فلم تبذل من غير حاجة ولم يحضرها لما فيه من المشقة والضرر . ( وإن كانت ) المرأة المدعى عليها ( مخدرة )
( بعث الحاكم أمينا معه شاهدان يستحلفها بحضرتهما ) لأن إحضارها غير مشروع واليمين لا بد منها وهذا طريقه ( وإن أقرت ) بشيء ( شهد عليها ) به ليقضي الحاكم عليها لشهادتهما بطلب المدعي . فإن توجهت اليمين عليها
( قال في الترغيب : إن خرجت للعزايا والزيارات ولم تكثر فهي مخدرة ) فلا يحضرها القاضي بل توكل ( ومريض ونحوه ) من ذوي الأعذار [ ص: 330 ] ( كمخدرة ) في أنه يؤمر بالتوكيل ولا يحضر للحرج والمشقة ( لم يعد عليه ) لأنه ليس مولى عليه . وإن استعدى عنده على غائب في غير عمله
( وإن كان ) الغائب ( في عمله ) أي القاضي ( وكان له ) أي القاضي ( في بلده ) الذي به الغائب ( خليفة ) أي نائب أي القاضي ( كتب به ) أي بما ثبت عنده ( إلى خليفته ) كما يكتب لغيره ( ولم يحضره ) أي الغائب لعدم الفائدة في إحضاره إذن ( فإن كانت له ) أي المدعي ( بينة حاضرة وثبت الحق عنده ) وكان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما ) فيكون نائبا عنه في تلك القضية . ( وإن لم يكن له ) أي القاضي ( فيه ) أي البلد الذي به الغائب ( خليفة
( كتب ) القاضي ( إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا به بينهما ) لأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة مع عدم المشقة الحاصلة بالإحضار ( فإن لم يقبلا ) أي الخصمان ( الوساطة ) أو تعذر من يتوسط بينهما . ( وإن لم يكن فيه من يصلح ) للقضاء
( قيل ) أي قال القاضي ( له ) أي المدعي ( حرر دعواك فإذا تحررت ) دعواه ( أحضر خصمه ولو بعدت المسافة ) لأنه لا بد من فصل الخصومة وقد تعين بذلك .
( لم تسمع دعواه ولم يعد عليه ولم يحلف ) إذا أنكر خلافا ولو ادعى قبله شهادة للشيخ تقي الدين وقال لو قال أنا أعلمها ولا أؤديها فظاهر ولو نكل لزمه ما ادعى به إن قبل ضمانها موجب بضمان ما تلف ولا يبعد كما يضمن من ترك الإطعام الواجب كونه لا يحصل المقصود لفسقه وكتمانه لا يبقى ضمانه في نفس الأمر واحتج بالأول على أن الشهادة ليست حقا على الشاهد ذكره في الفروع . القاضي