( ولا تجوز ) إلا في الخيل والإبل والسهام للرجال ) لقوله صلى الله عليه وسلم { المسابقة ( بعوض } رواه الخمسة ولم يذكر لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر [ ص: 49 ] أو نصل " وإسناده حسن واختصت هذه الثلاثة بأخذ العوض فيها لأنها من آلات الحرب المأمور بتعليمها وإحكامها وذكر ابن ماجه : تحريم الرهان في غير الثلاثة إجماعا . ابن عبد البر
وقوله " للرجال " أخرج النساء لأنهن لسن مأمورات بالجهاد ( بشروط خمسة ) متعلق بتجوز ( أحدها : تعيين المركوبين بالرؤية ) سواء كانا اثنين أو جماعتين ( وتساويهما في ابتداء العدو وانتهائه ، وتعين الرماة سواء كانا اثنين أو جماعتين ) لأن المقصود في المسابقة معرفة سرعة عدو المركوبين اللذين يسابق عليهما .
وفي المناضلة ، معرفة حذق الرماة ولا يحصل ذلك إلا بالتعيين بالرؤية ، لأن المقصود معرفة عدو مركوب بعينه ، ومعرفة حذق رام بعينه لا معرفة عدو مركوب في الجملة أو حذق رام في الجملة .
فلو لم يجز ( ولا يشترط تعيين الراكبين ولا القوسين ولا السهام ) لأن الغرض معرفة عدو الفرس ، وحذق الرامي ، دون الراكب والقوس والسهام لأن آلة المقصود منها ، فلا يشترط تعيينها كالسرج . عقد اثنان مسابقة على خيل غير معينة أو مناضلة ومع كل منهما نفر غير معين
( ولو عينها لم تعين ) لما تقدم ( وكل ما تعين لا يجوز إبداله ، كالمتعين في البيع وما لا يتعين يجوز إبداله لعذر وغيره ) فإن فهو فاسد لأنه ينافي مقتضى العقد . شرط أن لا يرمى بغير هذا القوس أو بغير هذا السهم ، أو لا يركب غير هذا الراكب
الشرط ( الثاني : أن يكون المركوبان والقوسان من نوع واحد ) لأن التفاوت بين النوعين معلوم بحكم العادة أشبها الجنسين ( فلا تصح ) . المسابقة ( بين فرس عربي وهجين ) وهو ما أبوه فقط عربي
( ولا ) والعربية قوس النبل والفارسية قوس النشاب قاله المناضلة ( بين قوس عربية وفارسية ) الأزهري ( ولا يكره ) ولا المسابقة بها . الرمي بالقوس الفارسية
وقال أبو بكر : يكره الرمي بها لما روى { ابن ماجه } ورواه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مع رجل قوسا فارسية ، فقال : ألقها فإنها ملعونة ولكن عليكم بالقسي العربية ، وبرماح القنا فبها يؤيد الله هذا الدين ، وبها يمكن الله لكم في الأرض والجواب أنه يحتمل أنه لعنها لحمل العجم لها في ذلك العصر قبل أن يسلموا ومنع الأثرم العرب من حملها لعدم معرفتهم بها الشرط ( الثالث : تحديد المسافة والغاية ) بأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيها لأن الغرض معرفة الأسبق ، ولا يحصل إلا بتساويهما في الغاية لأن أحدهما قد يكون مقصرا في ابتداء عدوه سريعا في آخره وبالعكس .
( و ) [ ص: 50 ] بما جرت به العادة ) لأن الإصابة تختلف بالقرب والبعد ( ويعرف ذلك ) أي مدى الرمي ( بالمشاهدة ) نحو من هنا إلى هناك ( أو بالذراع نحو : مائة ذراع أو مائتي ذراع وما لم تجر به عادة ) . تحديد ( مدى الرمي
وهو ما تتعذر الإصابة فيه غالبا ( وهو فلا يصح ) لأنه يفوت به الغرض المقصود بالرمي قيل : إنه ما رمى في أربعمائة ذراع إلا ما زاد في الرمي على ثلاثمائة ذراع ، . عقبة بن عامر الجهني
( ولا يصح ) لعدم تحديد الغاية الشرط ( الرابع : كون العوض معلوما ، إما بالمشاهدة أو بالقدر أو بالصفة ) لأنه مال في عقد فاشترط العلم به كسائر العقود . تناضلهما أن السبق لا يعدوهما رميا
والمراد بمعرفته بالقدر إذا كان بالبلد نقد واحد أو أغلب ، وإلا لم يكف ذكر القدر بل لا بد من وصفه ( ويجوز أن يكون ) العوض ( حالا ومؤجلا ) و ( أن يكون بعضه حالا وبعضه مؤجلا ) كالثمن والصداق ( ويشترط أن يكون ) العوض ( مباحا ) كالصداق والبيع فلا تصح على خمر ونحوه ( وهو ) أي بذل العوض المذكور ( تمليك ) للسابق ( بشرط سبقه ) فلهذا قال في الانتصار : في شركة العنان القياس : لا يصح انتهى قلت : في كلامهم أنه جعالة ، فليس من قبيل التمليك المعلق على شرط محض الشرط ( الخامس : الخروج عن شبه القمار ) لأن القمار محرم فشبهه مثله ، والقمار بكسر القاف مصدر قامره فقمره ، إذا راهنه فغلبه ( بأن لا يخرج جميعهم ) لأنه إذا خرج كل واحد منهم فهو قمار لأنه لا يخلو ، إما أن يغنم أو يغرم .
ومن لم يخرج سالما من الغرم ( فإن ) جاز لأن في ذلك مصلحة وحثا على تعليم الجهاد ونفعا للمسلمين ( أو ) كان الجعل ( من غيرهما أو من أحدهما ) وحده لأنه إذا جاز بذله من غيرهما فمن أحدهما أولى ، وكذا لو كان الجعل من الإمام من ماله أو من بيت المال جاز . كانوا ثلاثة ، فأخرج اثنان منهم ، أو أربعة فأخرج ثلاثة منهم ونحوه على أن من سبق أخذه
فإن لأنه لا سابق فيهما . جاءا معا فلا شيء لهما
( وإن سبق المخرج ) للجعل ( أحرز سيفه ) بفتح الباء أي ما أخرجه ( ولم يأخذ ) السابق ( من الآخر ) المسبوق ( شيئا ) لأنه إن أخذ منه شيئا كان قمارا ( وإن سبق من لم يخرج أحرز سبق صاحبه ) فملكه وكان كسائر ماله لأنه عوض في الجعالة ، فملك فيها كالعوض المجعول في رد الضالة فإن كان العوض في الذمة فهو دين يقضى به عليه .
ويجبر عليه إن كان موسرا ، وإن أفلس ضرب به مع الغرماء ( وإن لم يجز وكان قمارا لأن كل واحد منهما لا يخلو من أن يغنم أو [ ص: 51 ] يغرم وسواء كان ما أخرجاه متساويا أو متفاوتا ، مثل إن أخرج أحدهما عشرة ، و ) أخرج ( الآخر خمسة إلا بمحلل لا يخرج شيئا ) لما روى أخرجا ) أي المتسابقان ( معا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبو هريرة } رواه من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس قمارا ، ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار أبو داود فجعله قمارا إذا أمن السبق لأنه لا يخلو كل واحد منهما أن يغنم أو يغرم ، وإذا لم يأمن أن يسبق لم يكن قمارا ، لأن كل واحد منهما يجوز أن يخلو من ذلك .