( باب المساقاة ، والمناصبة ، والمزارعة ) .
جمعها في باب لاشتراكها في الأحكام مفاعلة من السقي ; لأنه أهم أمرها وكانت النخل ( المساقاة ) بالحجاز تسقى نضحا ، أي من الآبار ، فيعظم أمره وتكثر مشقته وهي ( دفع أرض وشجر له ثمر مأكول ) خرج به الصفصاف والحور ، والعفص ، ونحوه ، والورد ونحوه ( لمن يغرسه ) ويعمل عليه بجزء مشاع معلوم من ثمرته أو منه وهي المناصبة وتأتي ( أو ) دفع شجر له ثمر مأكول ( مغروس معلوم ) بالمشاهدة ( لمن يعمل عليه ويقوم بمصلحته بجزء مشاع معلوم من ثمرته ) لا منه ولا بآصع أو دراهم ويأتي فعلمت : أن المساقاة أعم من المناصبة .
مشتقة من الزرع وتسمى مخابرة من الخبار بفتح الخاء ، وهي الأرض اللينة ومؤاكرة ، والعامل فيها خبير ومؤاكر ( دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه ، أو ) دفع حب ( مزروع ) ينمى بالعمل ( لمن يعمل عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل ) والأصل في جوازها السنة فمنها ما روى ( والمزارعة ) قال { ابن عمر خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع } متفق عليه . عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر ، ثم ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث أو الربع " وهذا عمل به الخلفاء الراشدون ولم ينكر فكان كالإجماع ; ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك ; لأن كثيرا من الناس لا شجر لهم ويحتاجون إلى الثمر ; وأهل الشجر يحتاجون إلى العمل ففي تجويزها دفع للحاجتين ، وتحصيل لمنفعة كل منهما فجاز كالمضاربة . علي
( ويعتبر كون عاقديهما ) أي المساقاة والمزارعة ( جائزي التصرف ) ; لأن كلا منهما عقد معاوضة فاعتبر لها ذلك كالبيع ( فتجوز المساقاة في كل شجر له ثمر مأكول ) وإن لم يكن نخلا ولا كرما لما تقدم لا يقال : قد [ ص: 533 ] رجع عما روى ، لقوله " كنا نخابر أربعين سنة حتى حدثنا ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - { رافع بن خديج } ; لأنه لا يجوز حمل حديث نهى عن المخابرة على ما يخالف الإجماع ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يزل يعامل أهل رافع خيبر حتى مات ، ثم عمل به الخلفاء بعده ، ثم من بعدهم .
فكيف يتصور نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك بل هو محمول على ما روى عنه قال " كنا نكري الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك فنهينا فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ " وروى تفسيره أيضا بشيء غير هذا من أنواع الفساد ، وهو مضطرب أيضا قال الإمام : البخاري يروى عنه في هذا ضروب كأنه يريد : أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه فعلى المذهب لا تصح المساقاة على ما ليس له ثمر مأكول ، كالصفصاف ، والسرو ، والورد ونحوها ، ; لأنه ليس منصوصا عليه ولا في معنى المنصوص عليه ; ولأن المساقاة إنما تكون بجزء من الثمرة وهذا لا ثمرة له . رافع
( وقال ) الموفق والشارح ( تصح ) المساقاة ( على ماله ورق يقصد ، كتوت ، أو له زهر يقصد كورد ونحوه ) كياسمين ، إجراء للورق والزهر مجرى الثمرة ( وعلى قياسه ) أي قياس ماله ورق أو زهر يقصد ( شجر له خشب كحور وصفصاف ) لكن صرح الموفق والشارح : أنها لا تصح في الصنوبر والحور والصفصاف ونحوها بلا خلاف ، مع أن خشبه مقصود أيضا فكيف يقاس على كلامهما ما صرحا بنفيه إلا أن يقال : القصد منه إلزامهما الحجة ، أي هذا لازم لكم مع أنكم لا تقولون به وقوله ( بجزء مشاع معلوم من ثمره ) متعلق بقوله : فتجوز المساقاة ( أو ) من .
( ورقه ونحوه ) كزهره على قول الموفق والشارح ( بجعل ) أي يسمى ذلك الجزء ( للعامل ) أو لرب الشجر ، فيكون ما عداه للعامل كما تقدم في المضاربة .