عناصر منهج الإسلام للقضاء على الفقر
شهد تاريخ المسلمين حدثا له أهميته فى موضوع الفقر وقع في عصر عمر بن عبد العزيز عندما جمعت الزكاة ولم يوجد فقير -بالمعنى المعروف في اقتصاداتنا المعاصرة- تدفع له. بسبب ذلك صرف سهم الفقراء والمساكين لسد احتياجات أخرى من نوع قضاء الديون والمساعدة على الزواج وتحرير الأرقاء وهكذا. عصر عمر بن عبد العزيز كان بعد قيام الدولة الإسلامية بمائة عام، وهذه كانت فترة كافية لأن يطبق فيها المنهج الذي جاء به الإسلام للقضاء على الفقر، وبحيث تعمل العناصر التي يتكون منها المنهج وتتفاعل، وبالتالي تعطي نتائجها في الواقع.. دور عمر بن عبد العزيز أنه أتاح البيئة الملائمة لتطبيق المنهج الإسلامى وبالتالي أعطى نتيجته.
لم تثبـت الدراسـات لكل عصور التاريخ أنه قـضي على الفقر في أيـة أمـة أخـرى من الأمـم، أي أن ما وقـع في المجتمـع الإسـلامي في عصر عمر بن عبد العزيز ليس له مثيل في تاريخ المجتمعات البشرية. الأمر على هـذا النحو يحمل رسالة للباحثين، وهي أن يدرسوا المنهج الإسلامى الذي أنتج [ ص: 41 ] تطبيقه هـذه النتيجة الفريدة. هـذه الدراسة واجبة على كل الباحثين، مسلمين وغير مسلمين، وذلك لأن المجتمعات البشرية جميعها في حاجة لهذا المنهج لتواجه به أخطر مشكلة اجتماعية تهدد أمنها واستقرارها.
ولا يمكن حصر المنهج الذي يقضي به الإسلام على الفقر في العنصر الاقتصادي وحده، وإنما الإسلام ككل فاعل فى ذلك، بعقائده وعباداته وأخلاقه.. الإسلام ككل فاعل في ذلك بنظامه السياسي ونظامه الاجتماعي ونظامه الاقتصادي. ومع صحة القول: بأن ما جاء به الإسلام كله يمثل المنهج الذي يقضي به على الفقر، فإن ضرورة البحث تقتضي أن تقتصر الدراسة على العنصر الاقتصادي في هـذا المنهج.
وتحدد الطبيعة المذهبية للاقتصاد المنهج الذي يواجه به مشكلة الفقر. ويمكن إيضاح هـذا المعنى من معرفة المنهج الذي يتعامل به النظام الرأسمالي مع هـذه المشكلة بالمقارنة بالمنهج الذي يتعامل به النظام الاشتراكي.
الاقتصاد الإسلامي له طبيعته المذهبية التي تميزه عن الرأسمالية والاشتراكية. ويترتب على ذلك أن له منهجه الذي يواجه به مشكلة الفقر. ويمكن القول: إن هـذا المنهج يتكون من عنصرين أساسين. العنصر الأول يتحقق من خلال العقيدة الاقتصادية وأسلوب إدارة الاقتصاد، أما العنصر الثاني فإنه يتحقق من خلال التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء في نظام الإسلام المالي.
العنصر الثاني هـو المعتاد الحديث عنه في الدراسات التي أجريت عن [ ص: 42 ] الإسلام ومشكلة الفقر، يدخل في هـذا العنصر الزكاة والضرائب (لصالح الفقراء ) وغير ذلك. أما العنصر الأول فيمكن القول: إنه لم تجر حوله دراسات.
والخطة المقترحة مؤسسة على دراسة ما يلي:
أولا: صحة العقيدة الاقتصادية:
ثانيا: التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية.
ثالثا: إدارة الاقتصاد بأسلوب التخطيط للقضاء على الفقر.
رابعا: منهج الأولويات الاقتصادية وتوظيفه لمواجهة مشكلة الفقر.
خامسا: التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء.