( 8833 ) فصل : وإذا ، مثل أن يكاتب ثلاثة أعبد له بألف صح في قول أكثر أهل العلم ، منهم كاتب عبيدا له ، صفقة واحدة ، بعوض واحد عطاء وسليمان بن موسى وأبو حنيفة ومالك والحسن بن صالح وإسحاق . وهو المنصوص عن رضي الله عنه وقال بعض أصحابه : فيه قول آخر ، لا يصح ; لأن العقد مع ثلاثة ، كعقود ثلاثة ، وعوض كل منهم مجهول ، فلم يصح كما لو باع كل واحد منهم لواحد صفقة واحدة بعوض واحد . ولنا ، أن جملة العوض معلومة ، وإنما جهل تفصيلها فلم تمنع صحة العقد ، كما لو باعهم لواحد . وعلى قول من قال : إن العوض يكون بينهم على السواء فقد علم أيضا تفصيل العوض وعلى كل واحد منهم ثلث ، وكذا يقول فيما لو باعهم لثلاثة . الشافعي
إذا ثبت هذا ، فإن كل واحد منهم مكاتب بحصته من الألف ، ويقسم بينهم على قدر قيمتهم حين العقد ; لأنه حين المعاوضة ، وزوال سلطان السيد عنهم ، فإذا أداه ، عتق . هذا قول عطاء وسليمان بن موسى والحسن بن صالح والشافعي وإسحاق وقال أبو بكر عبد العزيز : يتوجه قول آخر ، أن العوض بينهم على عدد رءوسهم ، فيتساوون فيه ; لأنه أضيف إليهم إضافة واحدة فكان بينهم بالسوية ، كما لو أقر لهم بشيء ولنا أن هذا عوض فتقسط على المعوض ، كما لو اشترى شقصا وسيفا ، وكما لو اشترى عبيدا . فرد واحدا منهم بعيب ، أو أتلف أحدهم ورد الآخر . ويخالف الإقرار ; فإنه ليس بعوض . إذا ثبت هذا فأيهم أدى حصته عتق وهذا قول لأبي عبد الله . الشافعي
وقال ابن أبي موسى : لا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة . وحكي ذلك عن أبي بكر . وهو قول . وحكي عنه أنه إذا امتنع أحدهم عن الكسب مع القدرة عليه ، أجبر عليه الباقون . واحتجوا بأن الكتابة واحدة ; بدليل أنه لا يصح من كل واحد منهم الكتابة بقدر حصته دون الباقين ، ولا يحصل العتق إلا بأداء جميع الكتابة كما لو كان المكاتب واحدا ، وقال مالك إن لم يقل لهم السيد إن أديتم عتقتم : فأيهم أدى حصته ، عتق . وإن أدى جميعها ، عتقوا كلهم ، ولم يرجع على صاحبيه بشيء . وإن قال لهم : إن أديتم عتقتم . لم يعتق واحد منهم حتى تؤدى الكتابة كلها ويكون بعضهم حميلا عن بعض ، ويأخذ أيهم شاء بالمال ، وأيهم أداها عتقوا كلهم ، ورجع على صاحبيه بحصتهما . أبو حنيفة
ولنا ، أنه عقد معاوضة مع ثلاثة ، فاعتبر كل واحد منهم بأداء حصته كما لو اشتروا عبدا ، وكما لو لم يقل لهم إن أديتم عتقتم على قول ، فإن قوله ذلك لا يؤثر ; لأن استحقاق العتق بأداء العوض ، لا بهذا القول ، بدليل أنه يعتق بالأداء بدون هذا القول ، ولم يثبت كون هذا القول مانعا من العتق ، ولا نسلم أن هذا العقد كتابة واحدة ، فإن العقد مع جماعة عقود ، بدليل البيع ، ولا يصح القياس على كتابة الواحد ; لأن ما قدره في مقابلة عتقه ، وها هنا في مقابلة عتقه ما يخصه ، فافترقا . إذا ثبت هذا ، فإنه إن شرط عليهم في العقد ، أن كل واحد منهم ضامن عن الباقين ، فالشرط فاسد ، والعقد صحيح . أبي حنيفة
وقال : في الشرط رواية أخرى [ ص: 404 ] أنه صحيح . وخرجه أبو الخطاب ابن حامد وجها ، بناء على الروايتين في . وقال ضمان الحر لمال الكتابة رضي الله عنه العقد والشرط فاسدان ; لأن الشرط فاسد ، ولا يمكن تصحيح العقد بدونه ; لأن السيد إنما رضي بالعقد بهذا الشرط ، فإذا لم يثبت ، لم يكن راضيا بالعقد . الشافعي
وقال ، مالك : العقد والشرط صحيحان ; لأنه مقتضى العقد عندهما . ولنا ، أن مال الكتابة ليس بلازم ، ولا مآله إلى اللزوم ، فلم يصح ضمانه ، كما لو جعل المال صفة مجردة في العتق ، فقال : إن أديت إلي ألفا ، فأنت حر . ولأن الضامن لا يلزمه أكثر مما يلزم المضمون عنه ، ومال الكتابة لا يلزم المكاتب ، فلا يلزم الضامن ، ولأن الضمان تبرع ، وليس للمكاتب التبرع ، ولأنه لا يملك الضمان عن حر ، ولا عمن ليس معه في الكتابة ، فكذلك من معه . وأما العقد فصحيح ; لأن الكتابة لا تفسد بفساد الشرط ; بدليل خبر وأبو حنيفة بريرة ، وسنذكره فيما بعد ، إن شاء الله تعالى . ( 8834 )
فصل : إذا مات بعض المكاتبين ، سقط قدر حصته . نص عليه رضي الله عنه في رواية أحمد . وكذلك إن أعتق بعضهم . وعن حنبل إن مالك ، لم ينفذ عتقه ; لأنه يضر بالباقين ، وإن لم يكن مكتسبا ، نفذ عتقه ; لعدم الضرر فيه . وهذا مبني على أنه لا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع مال الكتابة ، وقد مضى الكلام فيه . أعتق السيد أحدهم وكان مكتسبا