( 8539 ) فصل : وإذا قبلت دعواه ، ولم يحل بينه وبينه ; لأن اليد دليل الملك ، والصبي ما لم يعبر عن نفسه فهو كالبهيمة والمتاع ، إلا أن يعرف أن سبب يده غير الملك ، مثل أن يلتقطه ، فلا تقبل دعواه لرقه ; لأن اللقيط محكوم بحريته ، وأما غيره فقد وجد فيه دليل الملك من غير معارض فيحكم برقه . فإذا بلغ ، فادعى الحرية ، لم تقبل دعواه ; لأنه محكوم برقه قبل دعواه . وإن لم يدع ملكه ، لكنه كان يتصرف فيه بالاستخدام وغيره ، فهو كما لو ادعى رقه ، ويحكم له برقه ; لأن اليد دليل الملك . فإن ادعى أجنبي نسبه ، لم يقبل ; لما فيه من الضرر على السيد ، لأن النسب مقدم على الولاء في الميراث . كان في يد رجل طفل لا يعبر عن نفسه ، فادعى أنه مملوكه ،
فإن أقام البينة بنسبه ، ثبت ، ولم يزل الملك عنه ; لأنه يجوز أن يكون ولده وهو مملوك ، بأن يتزوج بأمة ، أو يسبى الصغير ثم يسلم أبوه ، إلا أن يكون الأب عربيا ، فلا يسترق ولده ، في رواية . وهو قول القديم . وإن أقام بينة أنه ابن حرة ، فهو حر ; لأن ولد الحرة لا يكون إلا حرا . وإن كان الصبي مميزا ، يعبر عن نفسه فادعى من هو في يده رقه ، ولم يعرف تقدم اليد عليه قبل تمييزه ، إلا أننا إن رأيناه في يده وهما يتنازعان ، ففيه وجهان ; أحدهما لا يثبت ملكه عليه ; لأنه معرب عن نفسه ، ويدعي الحرية ، أشبه البالغ . والثاني يثبت ملكه عليه ; لأنه صغير ادعى رقه وهو في يده ، فأشبه الطفل . الشافعي
فأما البالغ إذا ادعى رقه فأنكر ، لم يثبت رقه إلا ببينة . وإن لم تكن بينة ، فالقول قوله مع يمينه في الحرية ; لأنها الأصل . وهذا الفصل بجميعه مذهب ، الشافعي ، وأصحاب الرأي ، إلا أن أصحاب الرأي قالوا : متى أقام إنسان بينة أنه ولده ثبت النسب والحرية لأن ظهور الحرية في ولد الحر أكثر من احتمال الرق الحاصل باليد لا سيما إذا لم يعرف من الرجل كفر ، ولا تزوج بأمة ، فلا يبقى احتمال الرق . وهذا القول هو الصواب ، إن شاء الله تعالى . وأبي ثور