( 8278 ) مسألة ، قال : وإذا حكم على رجل في عمل غيره فكتب بإنفاذ القضاء عليه إلى قاضي ذلك البلد ، قبل كتابه ، وأخذ المحكوم عليه بذلك الحق ثم الأصل في ، الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى : { كتاب القاضي إلى القاضي والأمير إلى الأمير إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو علي وأتوني مسلمين } .
وأما السنة ، { ، كسرى وقيصر ، ، وملوك الأطراف ، وكان يكتب إلى ولاته ، ويكتب لعماله وسعاته ، وكان في كتابه إلى قيصر : بسم الله الرحمن الرحيم . من والنجاشي محمد رسول الله ، إلى قيصر عظيم الروم ، أما بعد ، فأسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرا عظيما ، فإن توليت ، فإن عليك إثم الأريسيين ، { و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } } . فإن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
وروى الضحاك بن سفيان ، قال { امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها } . وأجمعت الأمة على كتاب القاضي إلى القاضي . ولأن الحاجة إلى قبوله داعية ، فإن من له حق في بلد غير بلده ، ولا يمكنه إتيانه ، والمطالبة به ، إلا بكتاب القاضي ، فوجب قبوله . كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ورث
إذا ثبت هذا ، فإن كتاب القاضي يقبل في الأموال ، وما يقصد به المال ، ولا يقبل في الحدود ، كحق الله - تعالى . وهل يقبل فيما عدا هذا ؟ على وجهين . وبهذا قال أصحاب الرأي .
وقال أصحاب : يقبل في كل حق لآدمي ، من الجراح وغيرها ، وهل يقبل في الحدود التي لله تعالى ؟ على قولين . وتمام الكلام في هذا الفصل يذكر في الشهادة على الشهادة ، إن شاء الله تعالى . والكتاب على ضربين ; أحدهما ، الشافعي ، وذلك مثل أن يحكم على رجل بحق ، فيغيب قبل إيفائه ، أو يدعي حقا على غائب ، ويقيم به بينة ، ويسأل الحاكم الحكم عليه ، فيحكم عليه ، ويسأله أن يكتب له كتابا يحمله إلى قاضي البلد الذي فيه الغائب ، فيكتب له إليه ، أو تقوم البينة على حاضر ، فيهرب قبل الحكم عليه ، فيسأل صاحب الحق الحاكم الحكم عليه ، وأن يكتب له كتابا بحكمه . أن يكتب بما حكم به
ففي هذه الصور الثلاث ، يلزم الحاكم إجابته إلى الكتابة ، ويلزم المكتوب إليه قبوله ، سواء كانت بينهما مسافة بعيدة أو قريبة ، حتى [ ص: 127 ] لو كانا في جانبي بلد أو مجلس ، لزمه قبوله وإمضاؤه ، سواء كان حكما على حاضر أو غائب . لا نعلم في هذا خلافا ; لأن حكم الحاكم يجب إمضاؤه على كل حاكم .
الضرب الثاني ، ، مثل أن تقوم البينة عنده بحق لرجل على آخر ، ولم يحكم به ، فيسأله صاحب الحق أن يكتب له كتابا بما حصل عنده ، فإنه يكتب له أيضا . أن يكتب يعلمه بشهادة شاهدين عنده بحق لفلان
قال : ويكون في كتابه : شهد عندي فلان وفلان بكذا وكذا . ليكون المكتوب إليه هو الذي يقضي به ، ولا يكتب : ثبت عندي ; لأن قوله : ثبت عندي . حكم بشهادتهما ، فهذا لا يقبله المكتوب إليه ، إلا في المسافة البعيدة ، التي هي مسافة القصر ، ولا يقبله فيما دونها ; لأنه نقل شهادة ، فاعتبر فيه ما يعتبر في الشهادة على الشهادة . ونحو هذا قول القاضي . وقال الشافعي ، أبو يوسف : يجوز أن يقبله في بلده . ومحمد
وحكي عن مثل هذا . وقال بعض المتأخرين من أصحابه : الذي يقتضيه مذهبه أنه لا يجوز ذلك في الشهادة على الشهادة . واحتج من أجازه بأنه كتاب الحاكم بما ثبت عنده ، فجاز قبوله مع القرب ، ككتابه بحكمه . أبي حنيفة
ولنا ، أن ذلك نقل الشهادة إلى المكتوب إليه ، فلم يجز مع القرب ، كالشهادة على الشهادة ، ويفارق كتابه بالحكم ; فإن ذلك ليس بنقل ، وإنما هو خبر ، وكل موضع يلزمه قبول الكتاب ، فإنه يأخذ المحكوم عليه بالحق الذي حكم عليه به ، فيبعث إليه ، فيستدعيه ، فإن اعترف بالحق ، أمره بأدائه ، وألزمه إياه . وإن قال : لست المسمى في هذا الكتاب .
فالقول قوله مع يمينه ، إلا أن يقيم المدعي بينة أنه المسمى في الكتاب . وإن اعترف أن هذا الاسم اسمه ، والنسب نسبه ، والصفة صفته ، إلا أن الحق ليس هو عليه ، إنما هو على آخر يشاركه في الاسم والنسب والصفة ، فالقول قول المدعي في نفي ذلك ; لأن الظاهر عدم المشاركة في هذا كله ، فإن أقام المدعى عليه بينة بما ادعاه من وجود مشارك له في هذا كله ، أحضره الحاكم ، وسأله عن الحق ، فإن اعترف به ، ألزمه به ، وتخلص الأول ، وإن أنكره ، وقف الحكم ، ويكتب إلى الحاكم الكاتب يعلمه الحال ، وما وقع من الإشكال ، حتى يحضر الشاهدين ، فيشهدا عنده بما يتميز به المشهود عليه منهما .
وإن ادعى المسمى أنه كان في البلد من يشاركه في الاسم والصفة ، وقد مات ، نظرنا ; فإن كان موته قبل وقوع المعاملة التي وقع الحكم بها ، أو كان ممن لم يعاصره المحكوم عليه ، أو المحكوم له ، لم يقع إشكال ، وكان وجوده كعدمه . وإن كان موته بعد الحكم ، أو بعد المعاملة ، وكان ممن أمكن أن تجري بينه وبين المحكوم له معاملة ، فقد وقع الإشكال ، كما لو كان حيا ; لجواز أن يكون الحق على الذي مات .