( 83 ) مسألة قال : ( وكذلك ) يعني : أنها نجسة ، وجملة ذلك ، أن آنية عظام الميتة سواء كانت ميتة ما يؤكل لحمه ، أو ما لا يؤكل لحمه ، كالفيلة ، ولا يطهر بحال ، وهذا مذهب عظام الميتة نجسة ، ، مالك ، والشافعي وإسحاق ، وكره ، عطاء ، وطاوس والحسن ، رضي الله عنهم عظام الفيلة ، ورخص في الانتفاع بها وعمر بن عبد العزيز ، وغيره ، محمد بن سيرين ; لما روى وابن جريج أبو داود بإسناده عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ثوبان رضي الله عنها قلادة من عصب وسوارين من عاج لفاطمة } . اشتر
ولنا قول الله تعالى : { حرمت عليكم الميتة } والعظم من جملتها ، فيكون محرما ، والفيل لا يؤكل لحمه فهو نجس على كل حال ، وأما الحديث ، فقال : قال الخطابي : العاج الذبل ، ويقال : هو عظم ظهر السلحفاة البحرية . وذهب الأصمعي إلى أن الفيل إن ذكي فعظمه طاهر ، وإلا فهو نجس ; لأن الفيل مأكول عنده ، وهو غير صحيح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { مالك } رواه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع والفيل أعظمها نابا [ ص: 57 ] مسلم
فأما عظام بقية الميتات ، فذهب ، الثوري ، إلى طهارتها ; لأن الموت لا يحلها فلا تنجس به ، كالشعر ; ولأن علة التنجيس في اللحم والجلد اتصال الدماء والرطوبات به ، ولا يوجد ذلك في العظام ولنا قول الله تعالى { وأبو حنيفة قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } وما يحيا فهو يموت ; ولأن دليل الحياة الإحساس والألم ، والألم في العظم أشد من الألم في اللحم والجلد ، والضرس يألم ، ويلحقه الضرس ، ويحس ببرد الماء وحرارته ، وما تحله الحياة يحله الموت ; إذ كان الموت مفارقة الحياة ، وما يحله الموت ينجس به كاللحم .
قال الحسن لبعض أصحابه ، لما سقط ضرسه : أشعرت أن بعضي مات اليوم ، وقولهم : إن سبب التنجيس اتصال الدماء والرطوبات ، قد أجبنا عنه فيما مضى .