( 6635 ) فصل : إذا ، نظرت ; فإن كانت جراحة الأول برأت قبل قطع الثاني ، فالثاني هو القاتل وحده ، وعليه القود ، أو الدية كاملة ، إن عفا عن قتله ، وله قطع يد الأول ، أو نصف الدية ، وإن لم تبرأ ، فهما قاتلان ، وعليهما القصاص في النفس ، وإن عفا إلى الدية ، وجبت عليهما . وبهذا قال قطع رجل يده من الكوع ، ثم قطعها آخر من المرفق ، ثم مات . وقال الشافعي : القاتل هو الثاني وحده ، ولا قصاص على الأول في النفس ; لأن قطع الثاني قطع سراية ، قطعه [ ص: 232 ] ومات بعد زوال جنايته ، فأشبه ما لو اندمل جرحه . وقال أبو حنيفة : إن قطعه الثاني عقيب قطع الأول ، قتلا جميعا ، وإن عاش بعد قطع الأول حتى أكل وشرب ، ومات عقيب قطع الثاني ، فالثاني هو القاتل وحده ، وإن عاش بعدهما حتى أكل وشرب ، فللأولياء أن يقسموا على أيهما شاءوا ويقتلوه . مالك
ولنا ، أنهما قطعان لو مات بعد كل واحد منهما وحده ، لوجب عليه القصاص ، فإذا مات بعدهما ، وجب عليهما القصاص ، كما لو كان في يدين ، ولأن القطع الثاني لا يمنع جنايته بعده ، فلا يسقط حكم ما قبله ، كما لو كان في يدين ، ولا نسلم زوال جنايته ، ولا قطع سرايته ، فإن الألم الحاصل بالقطع الأول لم يزل ، وإنما انضم إليه الألم الثاني ، فضعفت النفس عن احتمالهما ، فزهقت بهما ، فكان القتل بهما . ويخالف الاندمال ; فإنه لا يبقى معه الألم الذي حصل في الأعضاء الشريفة ، فاختلفا . فإن ادعى الأول أن جرحه اندمل ، فصدقه الولي ، سقط عنه القتل ، ولزمه القصاص في اليد أو نصف الدية ، وإن كذبه شريكه ، واختار الولي القصاص ، فلا فائدة له في تكذيبه ; لأن قتله واجب ، وإن عفا عنه إلى الدية فالقول قوله مع يمينه ، ولا يلزمه أكثر من نصف الدية .
وإن كذب الولي الأول ، حلف ، وكان له قتله ; لأن الأصل عدم ما ادعاه . ولو ادعى الثاني اندمال جرحه ، فالحكم فيه كالحكم في الأول إذا ادعى ذلك .