الضرب الثالث ، ، وجب القصاص ، والكلام فيه كالكلام في الشاهدين ، ولو أن الولي الذي باشر قتله أقر بعلمه بكذب الشهود ، وتعمد قتله ، فعليه القصاص . لا أعلم فيه خلافا ، فإن أقر الشاهدان والحاكم والولي جميعا بذلك ، فعلى الولي القصاص ; لأنه باشر القتل عمدا وعدوانا ، وينبغي أن لا يجب على غيره شيء ; لأنهم متسببون ، والمباشرة تبطل حكم السبب ، [ ص: 214 ] كالدافع مع الحافر . ويفارق هذا ما إذا لم يقر ; لأنه لم يثبت حكم مباشرة القتل في حقه ظلما ، فكان وجوده كعدمه ، ويكون القصاص على الشاهدين والحاكم ; لأن الجميع متسببون . وإن صار الأمر إلى الدية ، فهي عليهم أثلاثا . ويحتمل أن يتعلق الحكم بالحاكم وحده ; لأن تسببه أخص من تسببهم ; فإن حكمه واسطة بين شهادتهم وقتله ، فأشبه المباشر مع المتسبب . الحاكم إذا حكم على رجل بالقتل ، عالما بذلك متعمدا فقتله ، واعترف بذلك
ولو كان الولي المقر بالتعمد لم يباشر القتل ، وإنما وكل فيه ، نظرت في الوكيل ; فإن أقر بالعلم ، وتعمد القتل ظلما ، فهو القاتل وحده ; لأنه مباشر للقتل عمدا ظلما من غير إكراه ، فتعلق الحكم به ، كما لو أمر بالقتل في غير هذه الصورة ، وإن لم يعترف بذلك ، فالحكم متعلق بالولي ، كما لو باشره . والله أعلم .