( 6544 ) فصل : وإذا ، فالمقيم أولى بالحضانة ; لأن في المسافرة بالولد إضرارا به ، وإن كان منتقلا إلى بلد ليقيم به ، وكان الطريق مخوفا أو البلد الذي ينتقل إليه مخوفا ، فالمقيم أولى بالحضانة ; لأن في السفر به خطرا به ، ولو اختار الولد السفر في هذه الحال ، لم يجب إليه ; لأن فيه تغريرا به وإن كان البلد الذي ينتقل إليه آمنا ، وطريقه آمن ، فالأب أحق به ، سواء كان هو المقيم أو المنتقل ، إلا أن يكون بين البلدين قريب ، بحيث يراهم الأب كل يوم ويرونه ، فتكون الأم على حضانتها وقال أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ثم يعود ، والآخر مقيم : إذا كان السفر دون مسافة القصر ، فهو في حكم الإقامة وهو قول بعض أصحاب القاضي ; لأن ذلك في حكم الإقامة في غير هذا الحكم ، فكذلك في هذا ; ولأن مراعاة الأب له ممكنة والمنصوص عن الشافعي ما ذكرناه ، وهو أولى ; لأن البعد الذي يمنعه من رؤيته ، يمنعه من تأديبه ، وتعليمه ، ومراعاة حاله ، فأشبه مسافة القصر أحمد
وبما ذكرناه من تقديم الأب عند افتراق الدار بهما ، قال ، شريح ، ومالك وقال أصحاب الرأي : إن انتقل الأب ، فالأم أحق به ، وإن انتقلت الأم إلى البلد الذي كان فيه أصل النكاح ، فهي أحق ، وإن انتقلت إلى غيره ، فالأب أحق [ ص: 194 ] وحكي عن والشافعي : إن انتقلت من بلد إلى قرية ، فالأب أحق ، وإن انتقلت إلى بلد آخر ، فهي أحق ; لأن في البلد يمكن تعليمه وتخريجه ولنا ، أنه اختلف مسكن الأبوين ، فكان الأب أحق ، كما لو انتقلت من بلد إلى قرية ، أو إلى بلد لم يكن فيه أصل النكاح ، وما ذكروه لا يصح ; لأن الأب في العادة هو الذي يقوم بتأديب ابنه وتخريجه وحفظ نسبه ، فإذا لم يكن في بلده ضاع ، فأشبه ما لو كان في قرية أبي حنيفة
وإن انتقلا جميعا إلى بلد واحد ، فالأم باقية على حضانتها وكذلك إن أخذه الأب لافتراق البلدين ، ثم اجتمعا ، عادت إلى الأم حضانتها وغير الأم ممن له الحضانة من النساء ، يقوم مقامها ، وغير الأب من عصبات الولد ، يقوم مقامه ، عند عدمهما ، أو كونهما من غير أهل الحضانة .