( 6354 ) فصل : ومتى اختار الأول تركها ، فإنه يرجع على الثاني بصداقها ; لقضاء الصحابة بذلك ، ولأنه حال بينه وبينها بعقده عليها ، ودخوله بها . واختلف عن فيما يرجع به ; فروي عنه ، أنه يرجع بالصداق الذي أصدقها هو . وهو اختيار أحمد أبي بكر وقول الحسن ، والزهري ، ، وقتادة ، لقضاء وعلي بن المديني علي أنه يخير بينها وبين الصداق الذي ساق هو ، ولأنه أتلف عليه المعوض ، فرجع عليه بالعوض ، كشهود الطلاق إذا رجعوا عن الشهادة . فعلى هذا ، إن كان لم يدفع إليها الصداق ، لم يرجع بشيء ، وإن كان قد دفع بعضه ، رجع بما دفع . ويحتمل أن يرجع عليه بالصداق ، وترجع المرأة بما بقي عليه من صداقها . وعثمان
وعن أنه يرجع عليه بالمهر الذي أصدقها الثاني ; لأن إتلاف البضع من جهته ، والرجوع عليه بقيمته ، والبضع لا يتقوم إلا على زوج أو من جرى مجراه ، فيجب الرجوع عليه بالمسمى الثاني دون الأول ; وهل يرجع الزوج الثاني على الزوجة بما أخذ منه ؟ فيه روايتان . ذكر ذلك أحمد أبو عبد الله بن حامد : إحداهما ، يرجع به ; لأنها غرامة لزمت الزوج بسبب وطئه لها ، فرجع بها ، كالمغرور . والثانية لا يرجع بها . وهو أظهر ; لأن الصحابة لم يقضوا بالرجوع ، فإن روى ، أن سعيد بن المسيب عمر قضيا في وعثمان زوجها أربعة أشهر وعشرا ، ثم تزوج إن بدا لها ، فإن جاء زوجها خير ; إما امرأته ، وإما الصداق ، فإن اختار الصداق ، فالصداق على زوجها الآخر ، وتثبت عنده ، وإن اختار امرأته ، عزلت عن زوجها الآخر حتى تنقضي عدتها ، وإن قدم زوجها وقد توفي زوجها الآخر ، ورثت ، واعتدت عدة المتوفى عنها ، وترجع إلى الأول . رواه المرأة التي لا تدري ما مهلك زوجها ، أن تربص أربع سنين ، ثم تعتد عدة المتوفى عنها الجوزجاني .
ولأن المرأة لا تغرير منها ، فلم يرجع عليها بشيء ، كغيرها . فإن قلنا : يرجع عليها . فإن كان قد دفع إليها الصداق ، رجع به ، وإن كان لم يدفعه إليها ، دفعه إلى الأول ، ولم يرجع عليها بشيء ، وإن كان قد دفع بعضه ، رجع بما دفع . وإن قلنا : لا يرجع عليها . وكان قد دفع إليها الصداق ، لم يرجع به ، وإن لم يكن دفعه إليها ، لزمه دفعه ويدفع إلى الأول صداقا آخر .