( 6341 ) مسألة قال : ( ولو ، فرق بينهما ، وبنت على ما مضى من عدة الأول ، ثم استقبلت العدة من الثاني ) وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها ، إجماعا ، أي عدة كانت ; لقول الله تعالى : { طلقها ، أو مات عنها ، فلم تنقض عدتها حتى تزوجت من أصابها ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } . ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلا يفضي إلى اختلاط المياه ، وامتزاج الأنساب . وإن تزوجت ، فالنكاح باطل ; لأنها ممنوعة من النكاح لحق الزوج الأول ، فكان نكاحا باطلا ، كما لو تزوجت وهي في نكاحه ، ويجب أن يفرق بينه وبينها ، فإن لم يدخل بها فالعدة بحالها ، ولا تنقطع بالعقد الثاني ; لأنه باطل لا تصير به المرأة فراشا ، ولا يستحق عليه بالعقد شيء ، وتسقط سكناها ونفقتها عن الزوج الأول ; لأنها ناشز ، وإن وطئها ، انقطعت العدة سواء علم التحريم أو جهله .
وقال لا تنقطع ; لأن كونها فراشا لغير من له العدة لا يمنعها ، كما لو وطئت بشبهة وهي زوجة ، فإنها تعتد ، وإن كانت فراشا للزوج . وقال أبو حنيفة : إن وطئها عالما بأنها معتدة ، وأنها تحرم ، فهو زان ، فلا تنقطع العدة بوطئه ; لأنها لا تصير به فراشا ، ولا يلحق به نسب ، وإن كان جاهلا أنها معتدة ، أو بالتحريم ، انقطعت العدة بالوطء ; لأنها تصير به فراشا ، والعدة تراد للاستبراء ، وكونها فراشا ينافي ذلك ، فوجب أن يقطعها ، فأما طريانه عليها ، فلا يجوز . ولنا أن هذا وطء بشبهة نكاح ، فتنقطع به العدة ، كما لو جهل . وقولهم : إنها لا تصير به فراشا . قلنا : لكنه لا يلحق نسب الولد الحادث من وطئه بالزوج الأول ، فهما شيئان . القاضي
إذا ثبت هذا ، فعليه فراقها ، فإن لم يفعل ، وجب التفريق بينهما ، فإن فارقها أو فرق بينهما ، وجب عليها أن تكمل عدة الأول ; لأن حقه أسبق ، وعدته وجبت عن وطء في [ ص: 101 ] نكاح صحيح ، فإذا أكملت عدة الأول ، وجب عليها أن تعتد من الثاني ، ولا تتداخل العدتان ; لأنهما من رجلين . وهذا مذهب . وقال الشافعي يتداخلان ، فتأتي بثلاثة قروء بعد مفارقة الثاني ، تكون عن بقية عدة الأول وعدة الثاني ; لأن القصد معرفة براءة الرحم ، وهذا تحصل به براءة الرحم منهما جميعا ولنا ما روى أبو حنيفة عن مالك ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب أن وسليمان بن يسار طليحة كانت تحت رشيد الثقفي ، فطلقها ، ونكحها غيره في عدتها ، فضربها وضرب زوجها ضربات بمخفقة ، وفرق بينهما . ثم قال : أيما امرأة نكحت في عدتها ، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها ، فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ، وكان خاطبا من الخطاب ، وإن كان دخل بها ، فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الآخر ، ولا ينكحها أبدا عمر بن الخطاب
. وروى ، بإسناده عن أنه قضى في التي تزوج في عدتها ، أنه يفرق بينهما ، ولها الصداق بما استحل من فرجها ، وتكمل ما أفسدت من عدة الأول ، وتعتد من الآخر وهذان قولا سيدين من الخلفاء لم يعرف لهما في الصحابة مخالف ، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين ، فلم يتداخلا ، كالدينين واليمينين ، ولأنه حبس يستحقه الرجال على النساء ، فلم يجز أن تكون المرأة في حبس رجلين كحبس الزوجة . علي