( 4989 ) فصل : إذا ، ورثتاه جميعا . هذا قول طلق المريض امرأته ، ثم نكح أخرى ، ومات من مرضه في عدة المطلقة وأهل أبي حنيفة العراق ، وأحد قولي رضي الله عنه . والقول الآخر ، لا ترث المبتوتة ، فيكون الميراث كله للثانية . وقال الشافعي الميراث كله للمطلقة ; لأن نكاح المريض عنده غير صحيح . وجعل بعض أصحابنا فيها وجها ، أن الميراث كله للمطلقة ; لأنها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها ، وهو جميع الميراث ، فكذلك بعده مالك
وليس هذا بصحيح ، فإنها إنما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها ، ولو لم يطلقها وتزوج عليها ، لم ترث إلا نصف ميراث الزوجات ، فكذلك إذا طلقها . فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه ، فليس للمطلقة إلا ربع ميراث الزوجات ، ولكل واحدة من الزوجات ربعه . وإن ، فالميراث للزوجات ، في إحدى الروايتين . وهو قول مات بعد انقضاء عدة المطلقة رضي الله عنه الشافعي وأصحابه . والرواية الأخرى ، أن الميراث للأربع . وعند وأبي حنيفة الميراث كله للمطلقة مالك
وإن كان له أربع نسوة ، فطلق إحداهن ثلاثا في مرضه ، ثم نكح أخرى في عدة المطلقة ، أو طلق امرأة واحدة ، ونكح أختها في عدتها ، ومات في عدتها ، فالنكاح باطل ، والميراث بين المطلقة وباقي الزوجات الأوائل . وهذا قول ، أبي حنيفة . وقال ومالك رضي الله عنه : النكاح صحيح ، والميراث للجديدة مع باقي المنكوحات دون المطلقة . ويجيء على قوله القديم وجهان ; أحدهما ، أن يكون الميراث بين المطلقة وباقي الزوجات ، كقول الجمهور ، ولا شيء [ ص: 273 ] للمنكوحة الشافعي
والثاني ، أن يكون بينهن على خمسة ، لكل واحدة منهن خمسه . فإن مات بعد انقضاء عدة المطلقة ، ففي ميراثها روايتان ; إحداهما ، لا ميراث لها ، فيكون الميراث لباقي الزوجات . وهو قول وأهل أبي حنيفة العراق . والثانية ، ترث معهن ولا شيء للمنكوحة . وقال رضي الله عنه : الميراث للمنكوحات كلهن ، ولا شيء للمطلقة . وإن تزوج الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة ، صح نكاحها الشافعي
وهل ترث المطلقة ؟ على روايتين ; إحداهما ، لا ترث . وهو ظاهر كلام ; لأنه قال : يلزم من قال : يصح النكاح في العدة . أن يرث ثمان نسوة ، وأن يرثه أختان ، فيكون مسلم يرثه ثمان نسوة أو أختان ، وتوريث المطلقات بعد العدة يلزم منه هذا ، أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن ، فيكون منكرا له غير قائل به . فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة . والرواية الثانية ، ترث المطلقة . فيخرج فيه أحمد
وجهان ; أحدهما ، يكون الميراث بين الخمس . والثاني ، يكون للمطلقة والمنكوحات الأوائل دون الجديدة ; لأن المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق ، فكذلك يمنع من تنقيصهن منه ، وكلا الوجهين بعيد ; أما أحدهما فيرده نص الكتاب على توريث الزوجات ، فلا يجوز مخالفته بغير نص ولا إجماع ولا قياس على صورة مخصوصة من النص في معناه ، وأما الآخر فلأن الله تعالى لم يبح نكاح أكثر من أربع ، ولا الجمع بين الأختين . فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية . وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه ، وانقضت عدتهن ، ونكح أربعا سواهن ، ثم مات من مرضه ، فعلى الأول ترثه المنكوحات دون المطلقات
وعلى الثاني يكون فيه وجهان ; أحدهما ، أن الميراث كله للمطلقات . وعلى الثاني هو بين الثمان . وقال : الميراث للمطلقات ، ولا شيء للمنكوحات ; لأن نكاحهن غير صحيح عنده . وإن صح من مرضه ، فتزوج أربعا في صحته ثم مات ، فالميراث لهن في قول الجمهور ، ولا شيء للمطلقات في قول مالك ومن وافقه . وكذلك إن تزوجت المطلقات لم يرثن شيئا إلا في قوله وقول من وافقه . ولو طلق أربعا بعد دخوله بهن ثلاثا في مرضه ، وقال : قد أخبرنني بانقضاء عدتهن مالك
فكذبنه ، فله أن ينكح أربعا سواهن إذا كان ذلك في مدة يمكن انقضاء العدة فيها ، ولا يقبل قوله عليهن في حرمان الميراث . وهذا قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، إذا كان بعد أربعة أشهر . وقال واللؤلؤي : لا يجوز له التزويج أيضا . والأول أصح ; لأن هذا حكم فيما بينه وبين الله تعالى لا حق لهن فيه ، فقبل قوله فيه . فعلى هذا إن زفر ، ورثه المطلقات دون المنكوحات ، إلا أن يمتن قبله ، فيكون الميراث للمنكوحات تزوج أربعا في عقد واحد ، ثم مات
وإن أقررن بانقضاء عدتهن ، وقلنا : الميراث لهن بعد انقضاء العدة . فالميراث للمنكوحات أيضا . وإن مات منهن ثلاث ، فالميراث للباقية . وإن مات منهن واحدة ، ومن المنكوحات واحدة أو اثنتان ، أو مات من المطلقات اثنتان ، ومن المنكوحات واحدة ، فالميراث لباقي المطلقات . وإن مات من المطلقات واحدة ومن المنكوحات ثلاث ، أو من المطلقات اثنتان ، ومن المنكوحات اثنتان ، أو من المطلقات ثلاث ومن المنكوحات واحدة ، فالميراث بين البواقي من المطلقات والمنكوحات معا ; لأنه لو استأنف العقد على الباقيات من الجميع ، جاز فكان صحيحا
وإن تزوج المنكوحات في أربعة عقود ، فمات من المطلقات واحدة ورثت مكانها الأولى من المنكوحات . وإن مات اثنتان ، ورثت الأولى والثانية . وإن مات ثلاث ، ورثت الأولى والثانية والثالثة من المنكوحات ، مع من بقي من المطلقات . وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف . وأما واللؤلؤي فلا يرى صحة نكاح المنكوحات حتى يصدقه المطلقات . وأما زفر رضي الله عنه فيباح عنده التزويج في عدة المطلقات ، فعلى قوله إذا [ ص: 274 ] طلق أربعا ، ونكح أربعا ، في عقد أو عقود ، ثم مات من مرضه فالميراث للمنكوحات الشافعي
وعلى قوله القديم يخرج فيه وجهان ; أحدهما ، أن الميراث بين الثمان . والثاني ، أن الميراث للمطلقات دون المنكوحات . فإن مات بعض المطلقات ، أو انقضت عدتهن فللمنكوحات ميراث الميتات . وإن ماتت واحدة فللزوجات ربع ميراث النساء . وإن ماتت اثنتان فللزوجات نصف الميراث . فإن مات ثلاث ، فلهن ثلاثة أرباع الميراث إن كان نكاحهن في عقد واحد
وإن كان في عقود متفرقة ، فإذا ماتت واحدة من المطلقات ، فميراثها للأولى من المنكوحات ، وميراث الثانية للثانية ، وميراث الثالثة للثالثة .