( 4948 ) فصل : وقياس المذهب عندي ، أن الملة الواحدة يتوارثون ، وإن اختلفت ديارهم ; لأن العمومات من النصوص تقتضي توريثهم ، ولم يرد بتخصيصهم نص ، ولا إجماع ، ولا يصح فيهم قياس ، فيجب العمل بعمومها . [ ص: 248 ] ومفهوم قوله عليه السلام { } أن لا يتوارث أهل ملتين شتى . . وضبطه التوريث بالملة والكفر والإسلام ، دليل على أن الاعتبار به دون غيره ، ولأن مقتضى التوريث موجود ، فيجب العمل به ، ما لم يقم دليل على تحقق المانع . وقد نص أهل الملة الواحدة يتوارثون في رواية أحمد ، في من دخل إلينا بأمان فقتل ، أنه يبعث بديته إلى ملكهم حتى يدفعها إلى الورثة . وقد روي { الأثرم أن كان مع أهل بئر معونة فسلم ورجع إلى عمرو بن أمية المدينة ، فوجد رجلين في طريقه من الحي الذي قتلوهم ، وكانا أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في أمان ، ولم يعلم عمرو ، فقتلهما ، فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم . } ولا شك في أنه بعث بديتهما إلى أهلهما . وقال : قياس المذهب عندي ، أنه لا يرث حربي ذميا ، ولا ذمي حربيا ; لأن الموالاة بينهما منقطعة ، فأما القاضي وبهذا قال المستأمن فيرثه أهل الحرب ، وأهل دار الإسلام . رضي الله عنه . وبه قال الشافعي ، إلا أن أبو حنيفة لأن دارهما مختلفة . قال المستأمن لا يرثه الذمي ; : القاضي وهذا قول ويرث أهل الحرب بعضهم بعضا ، سواء اتفقت ديارهم ، أو اختلفت . . رضي الله عنه وقال الشافعي : إذا اختلفت ديارهم ، بحيث كان لكل طائفة ملك ، ويرى بعضهم قتل بعض ، لم يتوارثا ; لأنهم لا موالاة بينهم ، أشبه أهل دار الحرب ، فجعلوا اتفاق الدار ، واختلافها ضابطا للتوريث ، وعدمه . ولا نعلم في هذا كله حجة من كتاب ولا سنة ، مع مخالفته لعموم النص المقتضي للتوريث ، ولم يعتبروا الدين في اتفاقه ، ولا اختلافه ، مع ورود الخبر فيه ، وصحة العبرة فيها ، فإن المسلمين يرث بعضهم بعضا ، وإن اختلفت الدار بهم ، فكذلك الكفار . ولا يرث المسلم كافرا ، ولا الكافر مسلما ; لاختلاف الدين بهم ، وكذلك لا يرث مختلفا الدين أحدهما من صاحبه شيئا . أبو حنيفة