فهذا النص يحتمل أن يعدى إلى هذه المسألة ، ويحتمل أن يكون مقصورا على من وقف على ولده ولم يذكر ولد ولده . وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم . وممن قال إنه لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي على أولاده وأولاد أولاده ، مالك . وهكذا إذا قال : على ذريتهم ونسلهم ومحمد بن الحسن
وقال أبو بكر ، وعبد الله بن حامد : يدخل فيه ولد البنات . وهو مذهب ، الشافعي ; لأن البنات أولاده ، فأولادهن أولاد الأولاد حقيقة ، فيجب أن يدخلوا في الوقف ، لتناول اللفظ لهم ، وقد دل على صحة هذا قول الله تعالى : { وأبي يوسف ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان } إلى قوله : { وعيسى } . وهو من ولد بنته ، فجعله من ذريته ، وكذلك ذكر الله تعالى قصة عيسى وإبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس ، ثم قال : { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل }
وعيسى معهم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم { للحسن : إن ابني هذا سيد } . وهو ولد [ ص: 359 ] بنته . ولما قال الله تعالى : { وحلائل أبنائكم } . دخل في التحريم حلائل أبناء البنات ، ولما حرم الله تعالى البنات ، دخل في التحريم بناتهن . ووجه قول ، أن الله تعالى قال : { الخرقي يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } . فدخل فيه ولد البنين دون ولد البنات ، وهكذا كل موضع ذكر فيه الولد في الإرث والحجب ، دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات
ولأنه لو وقف على ولد رجل ، وقد صاروا قبيلة ، دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات بالاتفاق ، وكذلك قبل أن يصيروا قبيلة . ولأنه لو وقف على ولد العباس في عصرنا ، لم يدخل فيه ولد بناته ، فكذلك إذا وقف عليهم في حياته ، ولأن ولد البنات منسوبون إلى آبائهم دون أمهاتهم ، قال الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
وقولهم : إنهم أولاد أولاد حقيقة . قلنا : إلا أنهم لا ينسبون إلى الواقف عرفا ، ولذلك لو قال : أولاد أولادي المنتسبين إلي . لم يدخل هؤلاء في الوقفولأن ولد الهاشمية من غير الهاشمي ليس بهاشمي ، ولا ينسب إلى أبيها . وأما عيسى عليه السلام ، فلم يكن له أب ينسب إليه ، فنسب إلى أمه لعدم أبيه ، ولذلك يقال عيسى ابن مريم ، وغيره إنما ينسب إلى أبيه ، كيحيى بن زكريا . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . تجوز بغير خلاف ، بدليل قول الله تعالى : { إن ابني هذا سيد ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } . وهذا الخلاف فيما إذا لم يوجد ما يدل على تعيين أحد الأمرين ، فأما إن وجد ما يصرف اللفظ إلى أحدهما ، انصرف إليه
ولو قال : على أولادي ، وأولاد أولادي ، على أن لولد البنات سهما ، ولولد البنين سهمين . أو : فإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم ، كان للمساكين . أو كان البطن الأول من أولاده الموقوف عليهم كلهم بنات ، وأشباه هذا مما يدل على إرادة ولد البنات بالوقف ، دخلوا في الوقف . وإن قال : على أولادي ، وأولاد أولادي المنتسبين إلي ، أو غير ذوي الأرحام ، أو نحو ذلك . لم يدخل فيه ولد البنات . وإن قال : على ولدي فلان وفلانة وفلانة ، وأولادهم ، دخل فيه ولد البنات وكذلك لو قال : على أنه من مات منهم عن ولده فنصيبه لولده .
وإن قال الهاشمي : وقفت على أولادي ، وأولاد أولادي الهاشميين . لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي . فأما من كان هاشميا من غير أولاد بنيه ، فهل يدخلون ؟ على وجهين ; أولاهما ، أنهم يدخلون ; لأنهم اجتمع فيهم الصفتان جميعا ، كونهم من أولاد أولاده ، وكونهم هاشميين . والثاني ، لا يدخلون ; لأنهم لم يدخلوا في مطلق أولاد أولاده ، فأشبه ما لو لم يقل الهاشميين . وإن قال : على أولادي ، وأولاد أولادي ، مما ينسب إلى قبيلتي . فكذلك .