( 4296 ) فصل : ويجوز أن ، وأجره مباح . وهذا اختيار يستأجر حجاما ليحجمه . وهذا قول أبي الخطاب ، قال : أنا آكله . وبه قال ابن عباس عكرمة ، والقاسم ، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ، ، وربيعة ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، وأصحاب الرأي . وقال والشافعي : لا يباح القاضي . وذكر أن أجر الحجام نص عليه في مواضع ، وقال : وإن أعطي شيئا من غير عقد ولا شرط ، فله أخذه ، ويصرفه في علف دوابه ، وطعمة عبيده ، ومؤنة صناعته ، ولا يحل ، له أكله . أحمد
وممن كره كسب الحجام ، عثمان ، وأبو هريرة والحسن ، . وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والنخعي } . رواه كسب الحجام خبيث . وقال : أطعمه ناضحك ورقيقك " . ولنا ما روى مسلم ، قال : { ابن عباس } . متفق عليه . احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ، ولو علمه حراما لم يعطه
وفي لفظ : لو علمه خبيثا لم يعطه ولأنها منفعة مباحة ، لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة ، فجاز الاستئجار عليها ، كالبناء والخياطة ، ولأن بالناس حاجة إليها ، ولا نجد كل أحد متبرعا بها ، فجاز الاستئجار عليها ، كالرضاع . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في كسب الحجام : { أطعمه رقيقك } . دليل على إباحة كسبه ، إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله ، فإن الرقيق آدميون ، يحرم عليهم ما حرمه الله تعالى ، كما يحرم على الأحرار ، وتخصيص ذلك بما أعطيه من غير استئجار تحكم لا دليل عليه ، وتسميته كسبا خبيثا لا يلزم منه التحريم ، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين ، مع إباحتهما
وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيها له ; لدناءة هذه الصناعة . وليس عن نص في تحريم كسب الحجام ، ولا الاستئجار عليها ، وإنما قال : نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما [ ص: 314 ] سئل عن أكله نهاه ، وقال : " اعلفه الناضح والرقيق " . وهذا معنى كلامه في جميع الروايات ، وليس هذا صريحا في تحريمه ، بل فيه دليل على إباحته ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، على ما بينا ، وأن إعطاءه للحجام دليل على إباحته أحمد
إذ لا يعطيه ما يحرم عليه ، وهو عليه السلام يعلم الناس وينهاهم عن المحرمات ، فكيف يعطيهم إياها ، ويمكنهم منها ، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة ، فيتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم . وكذلك قول الإمام ، فإنه لم يخرج عن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، وإنما قصد اتباعه صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر من كرهه من الأئمة ، يتعين حمل كلامهم على هذا ، ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم . وإذا ثبت هذا ، فإنه يكره للحر أكل كسب الحجام ، ويكره أحمد ، وإجارة نفسه لها ; لما فيها من الأخبار ، ولأن فيها دناءة ، فكره الدخول فيها ، كالكسح تعلم صناعة الحجامة
وعلى هذا يحمل قول الأئمة الذين ذكرنا عنهم كراهتها ، جمعا بين الأخبار الواردة فيها ، وتوفيقا بين الأدلة الدالة عليها . والله أعلم .