[ ص: 185 ] باب السلم وهو أن يسلم عوضا حاضرا ، في عوض موصوف في الذمة إلى أجل ، ويسمى سلما ، وسلفا . يقال : أسلم ، وأسلف ، وسلف . وهو نوع من البيع ، ينعقد بما ينعقد به البيع ، وبلفظ السلم والسلف ، ويعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في البيع ، وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب ، فقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } ، وروى سعيد بإسناده عن ، أنه قال : أشهد أن ابن عباس قد أحله الله في كتابه ، وأذن فيه ، ثم قرأ هذه الآية . ولأن هذا اللفظ يصلح للسلم . ويشمله بعمومه . السلف المضمون إلى أجل مسمى
وأما السنة ، فروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث ، فقال : من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم . } متفق عليه ، وروى أنه قدم عن البخاري محمد بن أبي المجالد ، قال : { أبو بردة إلى وعبد الله بن شداد عبد الرحمن بن أبزى فسألتهما عن السلف ، فقالا : كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يأتينا أنباط من أنباط وعبد الله بن أبي أوفى ، الشام ، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب . فقلت : أكان لهم زرع أم لم يكن لهم زرع ؟ قال : ما كنا نسألهم عن ذلك . } أرسلني
وأما الإجماع ، فقال أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز ، ولأن المثمن في البيع أحد عوضي العقد ، فجاز أن يثبت في الذمة ، كالثمن ، ولأن بالناس حاجة إليه ; لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها ; لتكمل ، وقد تعوزهم النفقة ، فجوز لهم السلم ; ليرتفقوا ، ويرتفق المسلم بالاسترخاص . ابن المنذر