( 2966 ) مسألة ; قال : ( وليس كذلك الإقالة ; لأنها فسخ ، وعن أبي عبد الله ) اختلفت الرواية في الإقالة . فعنه أنها فسخ . وهو الصحيح ، واختيار ، الإقالة بيع أبي بكر ، وهو مذهب . والثانية ، أنها بيع . وهي مذهب الشافعي ; لأن المبيع عاد إلى البائع على الجهة التي خرج عليه منه ، فلما كان الأول بيعا [ ص: 96 ] كذلك الثاني ، ولأنه نقل الملك بعوض ، على وجه التراضي ، فكان بيعا ، كالأول . مالك
وحكي عن ، أنها فسخ في حق المتعاقدين . بيع في حق غيرهما . فلا تثبت أحكام البيع في حقهما ، بل تجوز في السلم ، وفي المبيع قبل قبضه ، ويثبت حكم البيع في حق الشفيع ، حتى يجوز له أخذ الشقص الذي تقايلا فيه بالشفعة . ولنا ، أن أبي حنيفة . يقال : أقالك الله عثرتك . أي أزالها . قال النبي صلى الله عليه وسلم { الإقالة هي الدفع والإزالة } . : من أقال نادما بيعته ، أقاله الله عثرته يوم القيامة
قال : وفي إجماعهم { ابن المنذر } ، مع إجماعهم على أن له أن يقيل المسلم جميع المسلم فيه ، دليل على أن الإقالة ليست بيعا ، ولأنها تجوز في المسلم فيه قبل قبضه ، فلم تكن بيعا كالإسقاط ، ولأنها تتقدر بالثمن الأول . ولو كانت بيعا لم تتقدر به ، ولأنه عاد إليه المبيع بلفظ لا ينعقد به البيع ، فكان فسخا ، كالرد بالعيب . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه
ويدل على بأن ما كان فسخا في حق المتعاقدين ، كان فسخا في حق غيرهما ، كالرد بالبيع والفسخ بالخيار ، ولأن حقيقة الفسخ لا تختلف بالنسبة إلى شخص دون شخص ، والأصل اعتبار الحقائق . ( 2967 ) فصل : فإن قلنا : هي فسخ جازت قبل القبض وبعده . أبي حنيفة
وقال أبو بكر : لا بد فيها من كيل ثان ، ويقوم الفسخ مقام البيع في إيجاب كيل ثان ، كقيام فسخ النكاح مقام الطلاق في العدة . ولنا أنه فسخ للبيع ، فجاز قبل القبض ، كالرد بالعيب ، والتدليس ، والفسخ بالخيار ، أو اختلاف المتبايعين . وفارق العدة ، فإنها اعتبرت للاستبراء ، والحاجة داعية إليه في كل فرقة بعد الدخول ، بخلاف مسألتنا . فإن قلنا : هي بيع . لم يجز قبل القبض ، فيما يعتبر فيه القبض ; لأن بيعه من بائعه قبل قبضه لا يجوز ، كما لا يجوز من غيره . ولا يستحق بها الشفعة إن كانت فسخا ; لأنها رفع للعقد ، وإزالة له ، وليست بمعاوضة ، فأشبهت سائر الفسوخ .
ومن حلف لا يبيع فأقال ، لم يحنث . ولو كانت بيعا ، استحقت بها الشفعة ، وحنث الحالف على ترك البيع بفعلها ، كسائر أنواع البيع . ولا يجوز إلا بمثل الثمن ، سواء قلنا : هي فسخ أو بيع ; لأنها خصت بمثل الثمن ، كالتولية . وفيه وجه آخر ، أنها تجوز بأكثر من الثمن الأول . وأقل منه إذا قلنا : إنها بيع كسائر البياعات . فإن قلنا : لا تجوز إلا بمثل الثمن الأول ، فأقال بأقل منه أو أكثر ، لم تصح الإقالة ، وكان الملك باقيا للمشتري . وبهذا قال . الشافعي
وحكي عن ، أنها تصح بالثمن الأول ، ويبطل الشرط ; لأن لفظ الإقالة اقتضى مثل الثمن ، والشرط ينافيه ، فبطل ، وبقي الفسخ على مقتضاه ، كسائر الفسوخ . ولنا ، أنه شرط التفاضل فيما يعتبر فيه التماثل ، فبطل ، كبيع درهم بدرهمين . ولأن القصد بالإقالة رد كل حق إلى صاحبه ، فإذا شرط زيادة أو نقصانا ، أخرج العقد عن مقصوده ، فبطل ، كما لو باعه بشرط أن لا يسلم إليه . ويفارق سائر الفسوخ ; لأنه لا يعتبر فيه الرضا منهما ، بل يستقل به أحدهما ، فإذا شرط عليه شيء ، لم يلزمه ; لتمكنه من الفسخ بدونه . أبي حنيفة
وإن شرط لنفسه شيئا ، لم يلزمه أيضا ; لأنه لا يستحق أكثر من الفسخ . وفي مسألتنا لا تجوز الإقالة إلا برضاهما ، وإنما رضي بها أحدهما مع الزيادة أو النقص ، فإذا أبطلنا شرطه فات رضاه ، فتبطل الإقالة ; لعدم رضاه بها .