( 2171 ) مسألة : قال : ( وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك اعتكافه ، فإذا أمن بني على ما مضى ، إذا كان نذر أياما معلومة ، وقضى ما ترك ، وكفر كفارة يمين ، وكذلك في النفير إذا احتيج إليه ) وجملته أنه إذا ، فله ترك الاعتكاف والخروج ; لأن هذا مما أباح الله تعالى لأجله ترك الواجب بأصل الشرع ، وهو الجمعة والجماعة ، فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه ، وكذلك إن تعذر عليه المقام في المسجد ; لمرض لا يمكنه المقام معه فيه ، كالقيام المتدارك ، أو سلس البول ، أو الإغماء ، أو لا يمكنه المقام إلا بمشقة شديدة ، مثل أن يحتاج إلى خدمة وفراش ، فله الخروج . وقعت فتنة خاف منها على نفسه إن قعد في المسجد ، أو على ماله نهبا أو حريقا
وإن كان المرض خفيفا ، كالصداع ، ووجع الضرس ، ونحوه ، فليس له الخروج . فإن خرج بطل اعتكافه . وله الخروج إلى ما يتعين عليه من الواجب ، مثل الخروج في النفير إذا عم ، أو حضر عدو يخافون كلبه ، واحتيج إلى خروج المعتكف ، لزمه الخروج ; لأنه واجب متعين ، فلزم الخروج إليه ، كالخروج إلى الجمعة .
وإذا خرج ثم زال عذره ، نظرنا ، فإن كان تطوعا فهو مخير ، إن شاء رجع إلى معتكفه ، وإن شاء لم يرجع ، وإن كان واجبا رجع إلى معتكفه ، فبنى على ما مضى من اعتكافه . ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال : أحدها ، أن يكون نذر اعتكافا في أيام غير متتابعة ولا معينة ، فهذا لا يلزمه قضاء ، بل يتم ما بقي عليه ، لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ، ليكون متتابعا ، ولا كفارة عليه ; لأنه أتى بما نذر على وجهه ، فلا يلزمه كفارة كما لو لم يخرج .
الثاني ، نذر أياما معينة ، كشهر رمضان ، فعليه قضاء ما ترك ، وكفارة يمين ، بمنزلة تركه المنذور في وقته . ويحتمل أن لا يلزمه كفارة ، على ما سنذكره ، إن شاء الله . الثالث ، نذر أياما متتابعة ، فهو مخير بين البناء والقضاء والتكفير ، وبين الابتداء ، ولا كفارة عليه ; لأنه يأتي بالمنذور على وجهه ، فلم يلزمه كفارة ، كما لو أتى به من غير أن يسبقه الاعتكاف الذي قطعه .
وذكر مثل هذا في الصيام ، فقال : ومن الخرقي فإذا عوفي بنى على ما مضى من صيامه ، وقضى ما ترك ، وكفر كفارة يمين ، وإن أحب أتى بشهر متتابع ، ولا كفارة عليه . وقال نذر أن يصوم شهرا متتابعا ، ولم يسمه ; فمرض في بعضه ، في من أبو الخطاب فعن ترك الصيام المنذور لعذر : فيه ، رواية أخرى ، أنه لا كفارة عليه . وهو قول أحمد ، مالك ، والشافعي ; لأن المنذور كالمشروع ابتداء ، ولو أفطر في رمضان لعذر ، لم يلزمه شيء ، فكذلك المنذور . وقال وأبي عبيد : إن [ ص: 75 ] القاضي تعين ، أو أداء شهادة واجبة ، فلا كفارة عليه ; لأنه خروج واجب لحق الله تعالى ، فلم يجب به شيء ، كالمرأة تخرج لحيضها أو نفاسها . خرج لواجب ، كالجهاد
وحمل كلام على أنه يبني على ما مضى ، دون إيجاب الكفارة . وظاهر كلام الخرقي ، أن عليه الكفارة ; لأن النذر كاليمين ، ومن حلف على فعل شيء ، فحنث لزمته الكفارة ، سواء كان لعذر أو غيره ، وسواء كانت المخالفة واجبة أو لم تكن ، ويفارق صوم رمضان ، فإن الإخلال به والفطر فيه لغير عذر لا يوجب الكفارة ، ويفارق الحيض ، فإنه يتكرر ، ويظن وجوده في زمن النذر ، فيصير كالخروج لحاجة الإنسان ، وكالمستثنى بلفظه . الخرقي