( 1909 ) الفصل الثالث ، في وهو ما يبلغ من الذهب عشرين مثقالا ، ومن الفضة مائتي درهم ، أو قيمة ذلك من غيرهما . وهذا مذهب نصاب المعادن وأوجب الشافعي الخمس في قليله وكثيره ، من غير اعتبار نصاب ، بناء على أنه ركاز ; لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه ، ولأنه لا يعتبر له حول ، فلم يعتبر له نصاب كالركاز . ولنا ، عموم قوله عليه السلام : { أبو حنيفة } . وقوله : { ليس فيما دون خمس أواق صدقة } وقوله عليه السلام : { ليس في تسعين ومائة شيء . ليس عليكم في الذهب شيء ، حتى يبلغ عشرين مثقالا } . وقد بينا أن هذا ليس بركاز ، وأنه مفارق للركاز من حيث إن الركاز مال كافر أخذ في الإسلام ، فأشبه الغنيمة .
وهذا وجب مواساة وشكرا [ ص: 332 ] لنعمة الغنى ، فاعتبر له النصاب كسائر الزكوات . وإنما لم يعتبر له الحول ; لحصوله دفعة واحدة ، فأشبه الزروع والثمار . إذا ثبت هذا فإنه يعتبر إخراج النصاب دفعة واحدة أو دفعات ، لا يترك العمل بينهن ترك إهمال ، فإن خرج دون النصاب ، ثم ترك العمل مهملا له ، ثم أخرج دون النصاب ، فلا زكاة فيهما وإن بلغا بمجموعهما نصابا . وإن بلغ أحدهما نصابا دون الآخر ، زكى النصاب ، ولا زكاة في الآخر . وفيما زاد على النصاب بحسابه .
فأما ترك العمل ليلا ، أو للاستراحة ، أو لعذر من مرض ، أو لإصلاح الأداة ، أو إباق عبيده ونحوه ، فلا يقطع حكم العمل ، ويضم ما خرج في العملين بعضه إلى بعض في إكمال النصاب . وكذلك إن كان مشتغلا بالعمل ، فخرج بين المعدنين تراب ، لا شيء فيه . وإن اشتمل المعدن على أجناس ، كمعدن فيه الذهب والفضة .
فذكر : أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب ، وأنه يعتبر النصاب في الجنس بانفراده ; لأنه أجناس ، فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر ، كغير المعدن . والصواب ، إن شاء الله ، أنه إن كان المعدن يشتمل على ذهب وفضة ففي ضم أحدهما إلى الآخر وجهان ; بناء على الروايتين في ضم أحدهما إلى الآخر في غير المعدن ، وإن كان فيه أجناس من غير الذهب والفضة ، ضم بعضها إلى بعض ، لأن الواجب في قيمتها ، والقيمة واحدة ، فأشبهت عروض التجارة . القاضي
وإن كان فيها أحد النقدين ، وجنس آخر ، ضم أحدهما إلى الآخر ، كما تضم العروض إلى الأثمان . وإن استخرج نصابا من معدنين ، وجبت الزكاة فيه ; لأنه مال رجل واحد ، فأشبه الزرع في مكانين .