[ ص: 130 ] كتاب صلاة الخوف ; أما الكتاب فقول الله تعالى : { صلاة الخوف ثابتة بالكتاب والسنة وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } الآية . وأما السنة فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم { } ، وجمهور العلماء متفقون على أن حكمها باق بعد النبي صلى الله عليه وسلم . وقال كان يصلي صلاة الخوف : إنما كانت تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ; لقوله تعالى : { أبو يوسف وإذا كنت فيهم } .
وليس بصحيح ; فإن ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حقنا ، ما لم يقم دليل على اختصاصه به ، فإن الله تعالى أمر باتباعه بقوله : { فاتبعوه } { } . ولو اختص بفعله لما كان الإخبار بفعله جوابا ، ولا غضب من قول السائل : لست مثلنا ; لأن قوله - إذا - يكون صوابا . . وسئل عن القبلة للصائم ، فأجاب : بأنني أفعل ذلك ، فقال السائل : لست مثلنا ، فغضب وقال : إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى ، وأعلمكم بما أتقي
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحتجون بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويرونها معارضة لقوله وناسخة له ; ولذلك لما أخبرت عائشة { وأم سلمة } . تركوا به خبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من غير احتلام ، ثم يغتسل ، ويصوم ذلك اليوم { أبي هريرة } . ولما ذكروا ذلك : من أصبح جنبا فلا صوم له ، قال : هن أعلم ، إنما حدثني به لأبي هريرة . ورجع عن قوله . الفضل بن عباس
ولو لم يكن فعله حجة لغيره لم يكن معارضا لقوله ، وأيضا فإن الصحابة رضي الله عنهم ، أجمعوا على صلاة الخوف ، فروي أن رضي الله عنه صلى صلاة الخوف ليلة الهدير ، وصلى عليا صلاة الخوف بأصحابه . وروي أن أبو موسى الأشعري كان أميرا على الجيش سعيد بن العاص بطبرستان ، فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال : أنا . فقدمه ، فصلى بهم . حذيفة
فأما تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب ، فلا يوجب تخصيصه بالحكم ; لما ذكرناه ، ولأن الصحابة رضي الله عنهم ، أنكروا على مانعي الزكاة قولهم : إن الله تعالى خص نبيه بأخذ الزكاة ، بقوله : { خذ من أموالهم صدقة } . وقد قال الله تعالى : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } وهذا لا يختص به . فإن قيل : فالنبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة يوم الخندق ، ولم يصل .
قلنا : هذا كان قبل نزول صلاة الخوف ، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون ناسخا لما قبله ، ثم إن هذا الاعتراض باطل في نفسه ; إذ لا خلاف في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يصلي صلاة الخوف ، وقد أمره الله تعالى بذلك في كتابه ، فلا يجوز الاحتجاج بما يخالف الكتاب والإجماع .
ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة نسيانا ، فإنه روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن صلاتها ، فقالوا : ما صلينا } . وروي أن { عمر } . أو كما جاء ، ويدل على صحة هذا أنه لم يكن ثم قتال يمنعه من الصلاة ، فدل على ما ذكرناه . قال : ما صليت العصر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما صليتها