الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=1596_28164نوى الخروج من الصلاة أو نوى أنه سيخرج أو شك هل يخرج أم لا بطلت صلاته ; لأن النية شرط في جميع الصلاة ، وقد قطع ذلك بما أحدث فبطلت صلاته كالطهارة إذا قطعها بالحدث ) .
( الشرح ) قال أصحابنا : العبادات في قطع النية على أضرب :
( الضرب الأول ) nindex.php?page=treesubj&link=1596_28164الإسلام والصلاة فيبطلان بنية الخروج منهما وبالتردد في أنه يخرج أم يبقى ، وهذا لا خلاف فيه ، والمراد بالتردد : أن يطرأ شك مناقض جزم النية ، وأما ما يجري في الفكر أنه لو تردد في الصلاة كيف يكون الحال ؟ فهذا مما يبتلى به الموسوس فلا تبطل به الصلاة قطعا . قاله إمام الحرمين وغيره . قال الإمام : وقد يقع ذلك في الإيمان بالله تعالى فلا تأثير له ولا اعتبار به ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=1596نوى في الركعة الأولى الخروج من الصلاة في الركعة الثانية ، أو علق الخروج بشيء يوجد في صلاته قطعا بطلت صلاته في الحال . هذا هو المذهب ، وبه قطع الجمهور وفيه وجه شاذ حكاه إمام الحرمين عن الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13272أبي علي السنجي أنها لا تبطل في الحال ، بل لو رفض هذا التردد قبل الانتهاء إلى الغاية المنوية صحت صلاته . ولو علق الخروج بدخول شخص ونحوه مما يحتمل حصوله في الصلاة وعدمه فوجهان أصحهما : تبطل كما لو دخل في الصلاة هكذا ، فإنها لا تنعقد بلا خلاف ، وكما لو علق به الخروج عن الإسلام - والعياذ بالله تعالى - فإنه يكفر في الحال بلا خلاف ، والثاني : لا تبطل في الحال ، فعلى هذا إن وجدت الصفة وهو ذاهل عن التعليق ففي بطلانها وجهان :
( أحدهما ) لا تبطل قاله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد ; لأنه في الحال غافل ، والنية الأولى لم تؤثر ، ( وأصحهما ) تبطل ، وبه قطع الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13272أبو علي السنجي والأكثرون .
قال إمام الحرمين : ويظهر على هذا أن يقال تبين بالصفة بطلانها من حين [ ص: 248 ] التعليق ، أما إذا وجدت وهو ذاكر للتعليق فتبطل بلا خلاف ، ولو نوى في الركعة الأولى أن يتكلم في الثانية أو يأكل أو يفعل فعلا مبطلا للصلاة لم تبطل في الحال بلا خلاف ، قال أصحابنا : وهذا مراد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله بقوله : ولا تبطل الصلاة بعمل القلوب . والفرق بين هذا وبين من نوى تعليق النية أو قطعها في الركعة الثانية أنه مأمور بجزم النية في كل صلاته ، وهذا ليس بجازم . وأما من نوى الفعل فالذي يحرم عليه أن يأتي بفعل مناف للصلاة ولم يأت به فإذا أتى به بطلت ، قال أصحابنا : ومثل هذا إذا دخل الإمام في صلاة الخوف بنية أن يصلي بكل فرقة ركعة من الرباعية ، وقلنا : تبطل صلاة الإمام فإنها لا تبطل في الحال ، وإنما تبطل بالانتظار الثالث على تفصيل فيه معروف فقد نوى في أول صلاته أن يفعل في أثنائها فعلا مبطلا ، ولم تبطل في الحال والله أعلم .
( الضرب الثاني ) nindex.php?page=treesubj&link=25521الحج والعمرة : فإذا نوى الخروج منهما ونوى قطعهما لم ينقطعا بلا خلاف ، ولأنه لا يخرج منهما بالإفساد .
( الضرب الثالث ) nindex.php?page=treesubj&link=2472_27715الصوم والاعتكاف فإذا جزم في أثنائهما بنية الخروج منهما ففي بطلانهما وجهان مشهوران ، وقد ذكرهما المصنف في بابيهما ، أصحهما لا يبطل كالحج وصحح المصنف في الصوم البطلان ووافقه عليه كثيرون ولكن الأكثرين قالوا : لا تبطل ، ولو تردد الصائم في قطع نية الصوم والخروج منه أو علقه على دخول شخص ونحوه فطريقان :
( أحدهما ) على الوجهين فيمن جزم بالخروج منه .
( والثاني ) - وهو المذهب وبه قطع الأكثرون : لا تبطل وجها واحدا .
( الضرب الرابع ) nindex.php?page=treesubj&link=79_22623الوضوء فإن نوى قطعه في أثنائه لم يبطل ما مضى منه على أصح الوجهين ، ولكن يحتاج إلى نية لما بقي ، وإن نوى قطعه بعد الفراغ منه لم يبطل على المذهب كما لو نوى قطع الصلاة والصوم والاعتكاف والحج بعد فراغها فإنها لا تبطل بلا خلاف وقيل : في بطلان الوضوء وجهان ; لأن أثره باق فإنه يصلي به بخلاف الصلاة وغيرها ، وقد سبق بيان هذه المسألة مستقصى في آخر باب نية الوضوء ، وذكرنا هناك مسائل كثيرة تتعلق بالنية في الصلاة وفي سائر العبادات وبالله التوفيق .
[ ص: 249 ] فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=1596مذاهب العلماء فيمن نوى الخروج من الصلاة : مذهبنا أنها تبطل وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا تبطل .