مسألة : ( بعرفة إلى الليل ) . والوقوف
وجملة ذلك : أنه إذا وافى عرفة نهارا لم يجز أن يفيض منها إلى الليل . لكن هل يجوز أن يتعمد المكث في غير عرفة إلى الليل ، ثم يقف بها ليلا ، مثل أن يمكث بنعمان أو بالحرم أو بنمرة ؟ . . . ، وهل عليه أن يجد في السير إذا خاف فوت النهار ؛ وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة حتى غابت الشمس كما تقدم ، ولأن أهل الجاهلية كانوا يفيضون من عرفات إذا اصفرت . . . فسن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوقوف إلى غروب الشمس مخالفة لهديهم ، وذلك داخل في امتثاله لأمر الله سبحانه بالحج ، وفي تفسيره للحج المجمل في كتاب الله .
والفعل إذا خرج منه مخرج الامتثال والتفسير كان حكمه حكم الأمر ، وهو داخل في عموم قوله : " " وقد روى خذوا عني مناسككم محمد بن قيس بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم عرفة فقال : " " رواه هذا يوم الحج الأكبر إن من كان قبلكم من أهل الأوثان والجاهلية كانوا يفيضون إذا الشمس على الجبال كأنها عمائم الرجال ، ويدفعون من جمع إذا أشرقت على الجبال كأنها عمائم الرجال ، فخالف هدينا هدي الشرك في مراسيله ، وفي [ ص: 604 ] رواية : " أبو داود " . كانوا يفيضون من عرفات قبل غروب الشمس ، فلا تعجلوا فإنا نفيض بعد غروبها
وإنما قلنا : ليس بركن : لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا " ولحديث الذي وقصته راحلته ووقف بعرفات .