( فصل )
ولا يجوز للمحرمة ونحوهما ؛ وهو كل ما يصنع لستر اليدين إلى الكوعين . هذا نصه ومذهبه لا خلاف فيه . وكلام الشيخ هنا يقتضي جواز لبسهما ؛ لأنه لم يذكره ، وأباح لبس المخيط مطلقا . وهذا تساهل في اللفظ لا يؤخذ منه مذهب ؛ لأنه قد صرح بخلاف ذلك ، وذلك لما روى لبس القفازين عن الليث نافع عن قال : ابن عمر رواه قام رجل فقال : يا رسول الله : ماذا [ ص: 272 ] تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تلبس القميص ، ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرنس ، ولا الخفاف ، إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا شيئا مسه الزعفران والورس ، ولا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين " أحمد والبخاري وأبو داود . والنسائي
وعن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، قال : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى النساء في الإحرام عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس والزعفران من الثياب " ابن عمر رواه عن أحمد . وأبو داود
وأيضا : فإن حق المحرم أن لا يلبس شيئا من اللباس المصنوع للبدن ، لكنه رخص للمرأة أن تلبس ما تدعو إليه الحاجة لأنها عورة .
ولا حاجة بها إلى أن تستر يدها بذلك ؛ لأن سترها يحصل بالكم وبإدخالها في العب ونحو ذلك فلا حاجة إلى صنع القفاز ونحوه كبدن الرجل لما أمكن ستره بالرداء ونحوه : لم يجز ستره بالقميص - وهذا بخلاف قدميها فإنها لو أمرت بلبس النعلين أيضا - فإن يديها تظهر غالبا ، فسترهما بالقفاز ونحوه صون لهما في حال الإحرام ، فلم يجز .
وقد سلك بعض أصحابنا في ذلك طريقة ؛ وهو أن اليدين ليستا من العورة ، فوجب كشفهما كالوجه ، وعكسه القدمان وسائر البدن ، وذلك لأن العورة يجب سترها بخلاف ما ليس بعورة . ومن سلك هذه الطريقة : جوز لها أن [ ص: 273 ] تصلي مكشوفة اليدين .
وهذه الطريقة فيها نظر لوجوه : أحدها : أن اليدين لا يجب كشفهما ، ولا يحرم تعمد تخميرهما بما لم يصنع على قدرهما بالإجماع ، فإن لها أن تقصد إدخال اليد في الكم وفي الجيب من غير حاجة ، ولو كان مطلق الستر حراما إلا لحاجة لما جاز ذلك .
الثاني : أن كون الوجه واليدين ليسا بعورة لا يبيح إبداءهما للرجال بكل حال ، وكون العضد والساق عورة لا يوجب سترهما في الخلوة ، وإنما يظهر أثر ذلك في الصلاة ونحوهما