[ ص: 318 ] مسألة : وهذه المواقيت لأهلها ، ولكل من مر عليها ، وجملة ذلك أنه من مر بهذه المواقيت فعليه أن يحرم منها ، سواء كان من أهل ذلك الوجه الذي وقت الميقات له أو كان من غير أهل ذلك الوجه ، لكنه سلكه مع أهله ، وسواء كان بعد هذا يمر على ميقات الوجه الذي هو منه أو لا يمر ، وذلك مثل أهل الشام فإنهم قد صاروا في هذه الأزمان يعرجون عن طريقهم ليمروا بالمدينة فيمرون بذي الحليفة ، فعليهم أن يحرموا منها ، وكذلك لو عرج أهل العراق إلى المدينة أو خرج بعض أهل المدينة على غير ذي الحليفة ، وهي الطريق الأخرى .
ومن فعليه أن يحرم من أبعدهما من مر على ميقاتين مكة ، قال أحمد في رواية ابن القاسم : إذا مر رجل من أهل الشام بالمدينة ، وأراد الحج فإنه يهل من ذي الحليفة ، يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت : " وابن عباس " ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : هن لهن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن أي : ولمن أتى على " فهن لهن " أي : لهذه الأمصار وأهلها " ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " ، أي : ممن أتى على ميقات من غير أهل مصره ؛ لأن الرجل لا يأتي عليهن جميعهن ، وليس أحد يخرج [ ص: 319 ] عن هذه الأمصار ، فجعل الميقات لكل من مر به من أهل وجهه ومن غير أهل وجهه ، ولم يفرق بين أن يكون من أهل وجه ميقات آخر . المواقيت من غير أهل المحل
وقوله : " لهن " أي لمن جاء على طريقهن ، وسلكه ، وقد روى سعيد أن ابن يحيى قال : ثنا ، عن هشام بن عروة عروة " ذات عرق ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل المدينة ومن مر بهم ذا الحليفة ، ولأهل الشام ومصر ومن ساحل+ الجحفة " . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق
وروى سعيد عن سفيان ، قال : سمعت يحدث عن أبيه " هشام بن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لمن ساحل+ من أهل الشام الجحفة " فقد بين عروة في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذا الحليفة لأهل المدينة ، ومن مر بهم ، وأن الجحفة إنما وقتها للشامي إذا سلك تلك الطريق ، طريق الساحل .
وأيضا فإن المواقيت محيطة بالبيت كإحاطة جوانب الحرم ، فكل من مر من جوانب الحرم لزمه تعظيم حرمته ، وإن كان بعض جوانبه أبعد من بعض .
وأيضا فإن قرب هذه المواقيت وبعدها ؛ لما يحل لأهل بعيدها من الرفاهية ، وذلك +يشركهم فيه كل من دخل مصرهم ، فإن المسافر إذا دخل مصرا ، وأقام فيها أياما انحط عنه عظمة مشقة سفره فوجد الطعام ، والعلف ، والظل ، والأمن ، وخفف [ ص: 320 ] أحماله إلى غير ذلك من أسباب الرفق ، وأيضا فإن هذه المواقيت حدود النسك ، فليس لأحد أن يتعدى حدود الله .