مسألة
" بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ولا حد لأكثره " وأقل الطهر
أما فلا حد له ؛ لأن من النساء من تطهر الشهر والسنة كما أن منهن من لا تحيض أبدا ، وأما أقله فثلاثة عشر ، وهذا هو المشهور من المذهب ، وقالت طائفة من أصحابنا : أكثره خمسة عشر ، وحكاه أكثر الطهر ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما رواية عن أحمد لما سبق ، وسلك طائفة من أصحابنا طريقه في ذلك ، وهو أن الله جعل ثلاثة أشهر في مقابلة القروء الثلاثة التي هي عدة من الحيض ، كل شهر مقابل قرء ، أو لا [ ص: 479 ] يجوز أن يكون في مقابله عدة الآيسة والصغيرة والطهر ؛ لأن أقلهما يكون أقل من ذلك ولا في مقابلة أكثرها أو أقل وأكثر الطهر ؛ لأن أكثر الطهر لا غاية له فبقي أن يكون في مقابلة أقل الطهر وأكثر الحيض ، ثم منهم من قال : أقل الحيض خمسة عشر فأقل الطهر خمسة عشر ، وقال أكثر الحيض أبو بكر وغيره : أقل الطهر ثلاثة عشر ، فأكثر الحيض سبعة عشر ، وعنه أنه ليس بين الحيضتين شيء مؤقت وهو على ما تعرف المرأة من عادتها ، وإن كانت اثني عشر يوما أو عشرة أيام ؛ لأنه لا يؤقت في ذلك فيرجع فيه إلى العادة كأكثر الطهر ، ووجه المشهور ما احتج به الإمام أحمد ورواه عن علي رضي الله عنه " أن امرأة جاءت إليه قد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلت ، فقال علي لشريح : قل فيها ، فقال شريح : " إن جاءت ببينة من باطنة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته ، شهدت أنها حاضت في شهر " ثلاثا " وإلا فهي كاذبة ، فقال علي : قالون : " معناه بالرومية جيد .
وذكر إسحاق عن عطاء كذلك ، ولا يعرف لهم مخالف ، ولا يمكن في شهر ثلاث حيض إلا بأن تكون الثلاثة عشر طهرا كاملا ، فيثبت بهذا الحديث أن الثلاثة عشر طهر صحيح فاصل بين الحيضتين ، وما دون ذلك لم يثبت فيه توقيف ولا عادة ، فلم يجز أن نجعل الدم الموجود في طرفه حيضتين إلا بدليل ، بخلاف ما إذا جعلناه حيضة واحدة ، فإن الأصل عدم التعدد والتغاير والله أعلم . وإبراهيم النخعي