أما إن الله بالناس لرءوف رحيم ) ففيه مسائل : قوله : (
المسألة الأولى : قال القفال - رحمه الله -: أن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضرر كقوله : ( الفرق بين الرأفة والرحمة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) [ النور : 2 ] أي : لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما ، وأما الرحمة فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ، ويدخل فيه الإفضال والإنعام ، وقد سمى الله تعالى المطر رحمة فقال : ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) [ الأعراف : 57 ] ، لأنه إفضال من الله وإنعام ، فذكر الله تعالى الرأفة أولا بمعنى أنه لا يضيع أعمالهم ويخفف المحن عنهم ، ثم ذكر الرحمة لتكون أعم وأشمل ، ولا تختص رحمته بذلك النوع بل هو رحيم من حيث إنه دافع للمضار التي هي الرأفة وجالب للمنافع معا .
المسألة الثانية : ذكروا في وجه تعلق هذين الاسمين بما قبلهما وجوها :
أحدها : أنه تعالى لما أخبر أنه لا يضيع إيمانهم ، قال : ( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) والرءوف الرحيم كيف يتصور منه هذه الإضاعة ؟
وثانيها : أنه لرءوف رحيم فلذلك ينقلكم من شرع إلى شرع آخر ، وهو أصلح لكم وأنفع في الدين والدنيا .
وثالثها : قال : ( وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ) فكأنه تعالى قال : وإنما هداهم الله لأنه رءوف رحيم .
المسألة الثالثة : قرأ عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : ( رؤف رحيم ) مهموزا غير مشبع على وزن رعف ، والباقون ( رءوف ) مثقلا مهموزا مشبعا على وزن رعوف ، وفيه أربع لغات رئف أيضا كحزر ، ورأف على وزن فعل .