( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
ثم فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) قوله تعالى : (
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قيل : نزلت في ، وقيل : في حمزة بن عبد المطلب الذي صلبه خبيب بن عدي أهل مكة ، وجعلوا وجهه إلى المدينة ، فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو بلدتك ، فحول الله وجهه نحوها ، فلم يستطع
أحد أن يحوله ، وأنت قد عرفت أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
المسألة الثانية : قوله : ( فادخلي في عبادي ) أي : انضمي إلى عبادي المقربين ، وهذه حالة شريفة ، وذلك لأن الأرواح الشريفة القدسية تكون كالمرايا المصقولة ، فإذا انضم بعضها إلى البعض حصلت فيما بينها حالة شبيهة بالحالة الحاصلة عند تقابل المرايا المصقولة من انعكاس الأشعة من بعضها على بعض ، فيظهر في كل واحد منها كل ما ظهر في كلها ، وبالجملة فيكون ذلك الانضمام سببا لتكامل تلك السعادات وتعاظم تلك الدرجات الروحانية ، وهذا هو المراد من قوله تعالى : ( وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين ) [ الواقعة : 90 ] وذلك هو السعادة الروحانية ، ثم قال : ( وادخلي جنتي ) وهذا إشارة إلى السعادة الجسمانية ، ولما كانت الجنة الروحانية غير متراخية عن الموت في حق السعداء ، لا جرم قال : ( فادخلي في عبادي ) فذكر بفاء التعقيب ، ولما كانت الجنة الجسمانية لا يحصل الفوز بها إلا بعد قيام القيامة الكبرى ، لا جرم قال : ( وادخلي جنتي ) فذكره بالواو لا بالفاء ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .