( يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ) .
قوله تعالى : ( يبصرونهم ) يقال : بصرت به أبصر ، قال تعالى : ( بصرت بما لم يبصروا به ) [طه : 96] ويقال : بصرت زيدا بكذا فإذا حذفت الجار قلت : بصرني زيد كذا فإذا أثبت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار [ ص: 112 ] قلت : بصرني زيدا ، فهذا هو معنى يبصرونهم ، وإنما جمع فقيل : يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفردا في اللفظ فالمراد به الكثرة والجميع, والدليل عليه قوله تعالى : ( فما لنا من شافعين ) [الشعراء : 100] ومعنى يبصرونهم يعرفونهم ، أي يعرف الحميم الحميم حتى يعرفه ، وهو مع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه ، فإن قيل : ما موضع يبصرونهم ؟ قلنا : فيه وجهان :
الأول : أنه متعلق بما قبله كأنه لما قال : ( ولا يسأل حميم حميما ) قيل : لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم ولكنهم لاشتغالهم بأنفسهم لا يتمكنون من تساؤلهم .
الثاني : أنه متعلق بما بعده ، والمعنى أن ، فإن الإنسان إذا كان في البلاء الشديد ثم رآه عدوه على تلك الحالة كان ذلك في نهاية الشدة عليه . المجرمين يبصرون المؤمنين حال ما يود أحدهم أن يفدي نفسه بكل ما يملكه
الصفة الرابعة : قوله : ( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : المجرم هو الكافر ، وقيل : يتناول كل مذنب .
المسألة الثانية : قرئ "يومئذ" بالجر والفتح على البناء ، لسبب الإضافة إلى غير متمكن ، وقرئ أيضا : "من عذاب يومئذ" بتنوين " عذاب " ونصب " يومئذ " وانتصابه بعذاب ؛ لأنه في معنى تعذيب .
( وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ) فصيلة الرجل ، أقاربه الأقربون الذين فصل عنهم وينتهي إليهم ؛ لأن المراد من الفصيلة المفصولة ؛ لأن الولد يكون منفصلا من الأبوين ، قال عليه السلام : فاطمة بضعة مني " فلما كان هو مفصولا منهما ، كانا أيضا مفصولين منه ، فسميا فصيلة لهذا السبب ، وكان يقال " للعباس فصيلة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن العم قائم مقام الأب ، وأما قوله : ( تؤويه ) فالمعنى تضمه انتماء إليها في النسب ، أو تمسكا بها في النوائب .